الشهيد الشاب عمر يونس (20 عامًا) من قرية سنيريا جنوب قلقيلية بالضفة الغربية المحتلة، رحل عن الدنيا بذكريات جميلة تركها بين أهله وجيرانه الذين استذكروا مناقبه بما يليق برحيله.
عرفوه صاحب مبادرة لعمل الخير، عصاميًّا يعمل من لأجل إكمال دراسته، عاش يتيمًا لمدة عامين قبل رحليه.
والشهيد يونس، ارتقى إثر إطلاق قوات الاحتلال الإسرائيلي الرصاص عليه، في 20 إبريل/ نيسان المنصرم، على حاجز زعترة جنوب نابلس، بزعم محاولته تنفيذ عملية طعن.
الصحفي قيس أبو سمرة من قرية سنيريا، وجار الشهيد يونس، يقول: إنه رغم حداثة سنه إلا أنه كان من السباقين لفعل الخير واقتراح المبادرات، وكان يحاول صناعة غد مشرق لنفسه.
وكان الشهيد يونس، وفق أبو سمرة، يحاول دائمًا بكل روح انتماء وإخلاص، ترك انطباع جميل عن الوطن في قلوب كل من يحادثهم، ويحثهم على الدفاع عنه بكل ما يملك.
وأضاف: "أنا جار الشهيد عمر، لم أكن أشاهده كثيرًا، فهو يدرس في كلية هشام حجاوي في نابلس ويعمل في أيام العطل؛ لتوفير مصروفه اليومي بعد وفاة والده"، ويردف "هو صاحب طبع هادئ، يحب الخير للجميع ولا يتصرف تصرفات شعواء، والكل يذكره بالخير، وليس فيه أي صفات عدوانية تذكر، فهو صاحب ابتسامة جميلة لا تفارق محياه".
وصفحة الشهيد يونس على "فيسبوك" تدلل على عظيم شخصيته، وحبه للخير والمبادرات التي تقدم شيئًا نافعًا للمجتمع.
المواطن جهاد عمر من عزون عتمة المتاخمة لقرية سنيريا، يقول إن الشهيد يونس كان مثالًا للشاب الخلوق، والكل أشاد به يوم أذيع خبر إطلاق قوات الاحتلال النار عليه على حاجز زعترة.
وأضاف أن استشهاده برصاص الاحتلال كان صدمة للجميع، ويومها أعلن الحداد في المنطقة، فمآثره كثيرة واستشهاده خسارة لقريته وأهلها.
ولفت إلى أن صفحته على "فيسبوك" كان يستغلها للحديث عن روح التضحية والمبادرة وضرورة عمل الخير وعدم الاستسلام للاحتلال، وعدم رفع الراية البيضاء، وضرورة البقاء في حالة صمود وتحد أمام جبروت المحتل.
الناشط المجتمعي محمد زيد، أشار إلى أن هناك ظاهرة جديرة بالدراسة والتحليل تتمثل بأن صفحات "فيسبوك" للشهداء تتحدث عن طباعهم وطريقة تفكيرهم، وأن ما يكتبونه ليس عبثًا ولا مجرد هرطقات وفقاعات لغوية أو خواطر هامشية.
وأوضح زيد أن أي شهيد يلقى ربه، لو تفحصنا صفحته على "فيسبوك" لوجدناها بمثابة سيرة ذاتية حقيقية، وأنه طبق خواطره على أرض الواقع، فكلماتهم تنبع من صدق سريرة، مردفًا "عندما شاهدت ما كتبه الشهيد عمر يونس من خواطر ومبادرات إيجابية تيقنت أن الشهداء لديهم ما يقولونه قبل أن يفارقوا الحياة، فهي إرهاصات تتحقق مع استشهادهم".
صفحة سنيريا على موقع التواصل "فيسبوك" نشرت للشهيد عدة مقاطع فيديو تضمنت إنشاده "سوف نبقى هنا"، وقراءة مقطع من القرآن بصوت نديّ جميل في حفل تخرجه من مدرسته في الثانوية العامة.
وفي العادة، تراقب مخابرات الاحتلال صفحات المواطنين على "فيسبوك" وتعتقل كل من يؤيد عمليات المقاومة، من خلال الإشارة بالإعجاب أو المشاركة أو التعليق على المنشورات.
وقد أصدر الاحتلال أحكاما عالية بحق الكثيرين، في حين هناك أكثر من 600 أسير في سجونه على خلفية ما ينشر على "فيسبوك".