تثير التطورات الأمنية التي تشهدها المخيمات الفلسطينية داخل الأراضي اللبنانية، وأبرز ملامحها الانفلات الأمني، وتجدد الاشتباكات المسلحة وعمليات الاغتيال، تساؤلات حول الأسباب التي تقف وراء تكرر انفلات الحالة الأمنية، والجهات الرئيسية المستفيدة منها والأهداف من ورائها.
وتسود حالة من التوتر لليوم الرابع على التوالي، مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في مدينة صيدا في الجنوب اللبناني، على إثر اغتيال محمد نزيه خليل وهو أحد عناصر فتح والأمن الوطني الفلسطيني خليل الملقب بـ"أبو الكل" في حي حطين داخل المخيم.
واتّهمت مصادر فتح أحد عناصر تنظيم "فتح الإسلام" الملقب بـ"إبراهيم المنغولي"، بالتسبّب بالحادث، ولاحقًا، أُحرِقت إطارات وجرى إطلاق نار في المخيّم احتجاجا على الاغتيال، مع مطالبة بتسليم قاتله.
وأصدرت القوة المشتركة بيانا طالبت فيه الجميع بالتعاون للحفاظ على أمن مخيم عين الحلوة، مشيرة إلى أن قيادتها تؤكد أهمية الحفاظ على أمن المخيم، وهو مسؤوليتها بالمعياريْن الوطني والمهني.
ووفق مجريات الأحداث والتطورات الأمنية، يعد مخيم عين الحلوة من أكثر المخيمات الفلسطينية داخل الأراضي اللبنانية، التي تتكرر في ساحته حوادث إطلاق النار، وعمليات الاغتيال، والاشتباكات المسلحة.
وأكد المسؤول السياسي لحركة حماس في منطقة صيدا، أيمن شناعة، أن المخيمات لها علاقة مباشرة بالوجود الفلسطيني في لبنان، وبحق العودة، وهو ما يضعها في إطار الاستهداف المتواصل.
وقال شناعة لـ"فلسطين": "نحن نعلم أن قضية اللاجئين الفلسطينيين في الشتات، وخاصة في لبنان الذي يضم أكثر أعداد اللاجئين في الخارج، هي هدف للإدارة الأمريكية والاحتلال في تقويض وجود المخيمات بإبرازها بؤر أمنية مستمرة".
وشدد على أنّ بقاء المخيمات الفلسطينية في ظل حالة توتر واشتباكات أمنية لا يخدم سوى الاحتلال، مشيرا إلى أن الاحتلال عمل مرارا على النيل من حالة الاستقرار في المخيمات الفلسطينية.
وأكد أن الفصائل تقع عليها مسؤولية كبيرة في استقرار المخيمات، لأنها تشكل حاضنة لشعبنا اللاجئ، مضيفًا: "للعدو الصهيوني وللإدارة الأمريكية أدوات وأيادٍ خفية كثيرة في مخيمات لبنان وفي العالم، ومعظم الإشكالات داخل مخيماتنا وراءها أيادٍ بشكل مؤكد تصب في مشروع صفقة القرن الأمريكية".
بدوره، قال ممثل حركة الجهاد الإسلامي في لبنان، احسان عطايا، إنّ ساحة المخيمات الفلسطينية داخل لبنان في الفترة الأخيرة كانت تعيش حالة من الاستقرار، والانضباط، والشراكة الوطنية في تحمل المسؤولية الأمنية، غير أن ذلك كله لم يمنع من حدوث بعض الانفلاتات الأمنية ذات الأسباب الشخصية أو العائلية أو ما بين أي من التنظيمات الفلسطينية.
وأشار عطايا لصحيفة "فلسطين"، إلى أنّ أعدادًا من المشاكل والأحداث الأمنية والاشتباكات، تشير بأصبع الاتهام لجهات أمنية إسرائيلية، في محاولة لإبقاء ساحة المخيمات بؤرة دائمة للتوتر، وإساءة علاقة الجوار.
وأكدّ أنّ بقاء الوضع الأمني متوترًا داخل المخيمات الفلسطينية يصب في مصلحة الاحتلال الإسرائيلي ومشروعه، مضيفًا: "الإسرائيلي مبدع في إحداث المشكلات الداخلية وتوتير الأجواء في كل مكان".
وقال عطايا إن الفصائل لا تملك دلالات قاطعة عن كون الاحتلال الإسرائيلي هو الأساس في إشعال التوتر الأمني داخل المخيمات، غير أنها تمتلك من الدلالات المؤكدة على ذلك، كما كان الحال في عملية اغتيال القيادي في حركة حماس محمد حمدان، يناير 2018.