تبرز وحدة الموقف السياسي للفصائل والقوى والمؤسسات في غزة، لمجابهة صفقة القرن الأمريكية، بما تشكل من مخاطر على مفاصل القضية الفلسطينية، والثوابت الوطنية، كدرس في السياسة، وذلك باعتبار "الوحدة" كلمة السر في إجهاض تمرير هذه الصفقة، وفق ما يؤكده محللون سياسيون.
ووفق المحللين السياسيين، فإن غزة استطاعت جمع قواها وتوحيد كلمتها وموقفها، والتعامل مع التحديات المتوقعة من منطلق وحدوي، وتجاوزت التصريحات السياسية إلى المواقف العملية برفض الصفقة الأمريكية، والعمل على عرقلة تمريرها وتنفيذها على أرض الواقع، عبر بنية صف وحدوي.
وبمبادرة من حركة حماس، اجتمعت القوى والفصائل الفلسطينية السبت الماضي بمدينة غزة، تحت عنوان "متحدون لمواجهة صفقة القرن"، مؤكدة وحدة موقفها، ووقوفها في وجه أي مخططات معادية للشعب الفلسطيني وقضيته.
رؤية واحدة
وأعلن مستشار البيت الأبيض جاريد كوشنير قبل أيام أن خطة التسوية الأمريكية في الشرق الأوسط المعروفة باسم "صفقة القرن" ستعلن بعد تشكيل حكومة الاحتلال الإسرائيلية وانتهاء شهر رمضان.
وقال الكاتب والمحلل السياسي، مصطفى الصواف، إنّ اللقاء التشاوري الذي جرى بمبادرة من حماس في غزة، أكد أنّ الكل الفلسطيني (فصائل ومؤسسات وشخصيات) متلاصق ضمن رؤية واحدة في كيفية مواجهة صفقة القرن الأمريكية.
وأشار الصواف لصحيفة "فلسطين"، إلى أنّ غزة تقدم في كل مرة درسًا للجميع في السياسة، عبر تمسكها بالوحدة باعتبارها كلمة السر في إجهاض المخططات والمؤامرات، لافتا إلى أن توافق قادة الفصائل ضمن المقترحات على المبادئ العامة للقاء السابق، واختلافهم "في بعض الرتوش"، يؤسس لمرحلة يمكن من خلالها تشكيل حالة استنهاض عامة لمواجهة "صفقة القرن".
ورأى أنّ الموقف الموحد للفصائل نقطة لتجاوز التصريحات السياسية للمواقف العملية، مضيفا "القوى أكدت في مواقفها أنّ الكلام وحده لا يكفي، ولا بد من اجراءات ملموسة عملية لمواجهة صفقة القرن".
ونبه الصواف إلى أن ما عاب لقاء الفصائل ووحدة موقفها نحو صفقة القرن، هو غياب حركة فتح، في وقت لا ينكر أحد أهمية الحركة في الإطار الوطني العام، والذي من شأنه أن يواجه الصفقة الأمريكية بموقف موحد وصلب، والعمل على عرقلة تمريرها.
وغابت حركة فتح عن لقاء الفصائل، وانتقدت من جهة أخرى إعلان حركة حماس أخيرًا تشاورها مع الفصائل لتشكيل هيئة وطنية عليا لمجابهة صفقة القرن الأمريكية.
اتجاه صحيح
بدوره رأى الكاتب والمحلل السياسي، سميح خلف، أن اجتماع الفصائل والقوى والشخصيات في غزة وتأكيدها على موقف واحد، "خطوة في الاتجاه الصحيح"، يمكن أن تشكل منطلقا فعليا لمجابهة صفقة القرن.
وقال خلف لصحيفة "فلسطين"، إن ما طرح في اجتماع الفصائل بغزة، وما قدمه رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية، يمثل برنامجًا عمليًا وطنيًا، لمجابهة الصفقة، مؤكدًا أنّ غياب الوحدة يمثل نقطة اختراق مهمة لتنفيذ الصفقة الأمريكية.
وشدد على أن الموقف السياسي الموحد لفصائل وقوى شعبنا، يمثل الخيار الأسلم والأقوى لمجابهة الصفقة الأمريكية، التي تمثل بما لا يدع مجالًا للشك انتقاصًا واضحًا لحقوق وثوابت شعبنا الفلسطيني لصالح الاحتلال.
وفي مقابل موقف الفصائل، قال إنّ حركة فتح المنبثقة قيادتها عن "المؤتمر السابع" مبتعدة كثيرًا عن مواجهة الصفقة، ولم تُجرِ أي تحرك داخلي أو دبلوماسي خارجي منذ أكثر من عامين لإحباط الصفقة وحشد الأطراف لرفضها.
حجر عثرة
من ناحيته، أكد الكاتب والمحلل السياسي، ذو الفقار سويرجو، أنّ غياب الوحدة الوطنية والعمل الجمعي الفلسطيني، من شأنه أن يكون حجر عثرة أمام الفلسطينيين لمواجهة صفقة القرن الأمريكية، وأي أخطار أخرى تجاه قضيتهم.
وأوضح سويرجو لصحيفة "فلسطين"، أنّ موقف الفصائل الوحدوي يمثل درسًا سياسيًا جديرًا بالاحترام، بما تتحمل من مسؤولية على عاتقها، مضيفا: "هذه الفصائل فصائل وطنية مهمتها الأساسية الدفاع عن الشعب الفلسطيني وقضيته المركزية".
وقال: "موقف الفصائل في غزة موقف متقدم، ولكن الموقف الفلسطيني الموحد هو الضمانة تجاه المواجهة"، مشيرًا إلى أنّ الوحدة الوطنية الشاملة لا تشكل دعامة فقط لمواجهة صفقة القرن، بل دعامة للجبهة الداخلية في الضفة والقطاع.
ونبه إلى أن موقف الفصائل الموحد بغزة، ورغم كونه موقفا "جيدا وقويا"، ويشكل حجر أساس لمواجهة الصفقة، إلا أن غياب الوحدة الوطنية الشاملة يشكل ثغرة لتمرير أجزاء من الصفقة، مشددا على أن الوحدة الفلسطينية تمثلُ ممرًا إجباريًا وضمانة يستطيع الفلسطينيون من خلالها أن يشكلوا حالة ضاغطة تجاه مواجهة الصفقة.