متحدون في مواجهة صفقة القرن. لماذا لم تلحق فتح بالمتحدين؟! هل رفضت اللحاق استعلاء، أم رفضًا للمتحدين، أم أن قضية الصفقة ليست قضية وطنية ذات أولوية، ولا تستحق الاتحاد؟! أمر فتح في هذه القضية غريب، وغير مفهوم، وهي التي تختفي خلف اتهامات الآخرين، في حين يدعوها الآخرون لكلمة سواء في قضية صفقة القرن؟!
كان هذا نقصا في المؤتمر، وأمر آخر لم أفهمه حيث رفض أحد المتحدثين تشكيل لجنة وطنية عليا لمقاومة الصفقة، وإحباط الجهود الأميركية الإسرائيلية، تحت زعم أن الهيئة تعني تشكيل بديل عن منظمة التحرير، وفي هذا الزعم نظر، وفشل في قراءة الهيئة؟!
منظمة التحرير مشكّلة من فصائل، وفي خارجها فصائل مهمة، فماذا لو اجتمعت هذه الفصائل معا في تشكيل هيئة وطنية عليا متخصصة في متابعة تطورات الموقف الأميركي الصهيوني ؟! هل إذا شاركت المنظمة بفصائلها مع من هم في خارجها في تشكيل هذه اللجنة تكون اللجنة بديلا عن المنظمة؟! إن من يقول بهذا الزعم يكون جاهلا، أو مستعليا، أو يهدف إلى ضرب الوحدة الوطنية لأن دعوة المؤتمر جاءت من حماس؟!
ألم تشكل المنظمة هيئات وطنية متخصصة؟! ألم تشكل فصائل المقاومة في غزة ( الهيئة الوطنية العليا لمسيرات العودة وكسر الحصار؟!). من قال إن هذه الهيئة هي بديل عن المنظمة، أو عن الفصائل القائمة؟! إن القضايا الوطنية العليا تستوجب تجاوز حالة الفرقة القائمة، والمسافات المتباعدة، والالتقاء في جسم وطني لمعالجة قضية وطنية عامة لا علاقة لها بالانقسام أو الانتخابات، أو حكومة الوحدة الوطنية، أو المنظمة، وهي لا تخص فتح وحدها، ولا تخص حماس وحدها.
إن من زعم الزعم الباطل، وفرّق الجماعة في قضية متفق عليها يتاجر بالقضية، ويختفي خلف شماعة الانقسام، وخلف شماعة منظمة التحرير، ويقدّس الأشخاص والمؤسسات على حساب القدس ، والأفكار، والأعمال الوطنية الوحدوية. ولو أنصف هؤلاء وطنهم وأنفسهم لأخذوا العبرة من عدوهم الصهيوني وكيف تتحد أحزابه الكثيرة عند الأخطار في القضايا الوطنية التي تهمهم. من لا يعظه القرآن، ولا تعظه السنن، ولا تعظه أحداث التاريخ، فليتعظ بالعدو الصهيوني وتصرفاته عند الأخطار العامة والعليا.
طبعا لم يخرج المؤتمر بتشكيل هيئة عليا للمتابعة، بسبب هذه الشبهة الفاسدة التي ذكرها فصيل دون إمعان النظر وتعمق التفكير، وهكذا حُرم الموقف الفلسطيني من هيئة متابعة، وعاد الأمر إلى النخوة الفصائلية بشكل مفرّق. إن من لا يجتمع على هيئة موحدة في قضية متفق على رفضها، أنى لهم أن يجتمعوا في قضية مختلف فيها؟! فلسطين تقول: أحيانا يجدر تجاوز المعترضين، والأخذ برأي الأغلبية، من أجل القضية الوطنية العليا، وربما يلحق غدا المتخلفون عندما يفقهون القضية بشكل صحيح.