من المعلوم أن الحرب على المقاومة الفلسطينية لم تقف عند حدود دولة العدو، بل إن الحرب عليها تجاوزتها لدول عربية وغربية، وأخرى دولية كالولايات المتحدة الأميركية. ولم تقف هذه الحرب العدوانية عند حدود استخدام إسرائيل لسلاح الطيران، وبقية الأسلحة الأخرى، بل تجاوزتها إلى الحرب الاقتصادية، وتجفيف مصادر المساعدات المالية الرسمية والشعبية، وفرض حصار مطبق على غزة، وعلى المقاومة.
(الصادق الغرياني) مفتي ليبيا طلب ممن حج حجة الفريضة واعتمر، ألا يكررها وأن يتبرع بتكاليفها إلى المقاومة الفلسطينية، واعتبر ذلك أولوية تتقدم على حج النافلة، والعمرة. طبعا هذه الفتوى لها رصيدها من الحجج الفقهية، لا سيما عند الفقهاء الذين يرون الجهاد في فلسطين فريضة عينية على كل مسلم، لأن الفلسطينيين وحدهم لا يقدرون على القيام بواجب التحرير، لأسباب موضوعية تتعلق بقوة العدو، وضعف الفلسطينيين، وحصار العرب لهم ماليا وعسكريا، بالتعاون مع (إسرائيل).
كل التحية للمواقف الفقهية الجريئة التي تتناول الجهاد في فلسطين، ولا تقف عند فقه الحيض والنفاس، كما كان يقول الشيخ الغزالي رحمه الله. والشيء بالشيء يذكر، فإني أرى أن الجهاد في فلسطين في حاجة إلى (وقف إسلامي) يمده بالمال بدون شروط سياسية، ولو أن سكان غزة والضفة ممن حضرتهم الوفاة ويملكون المال، ويودون إخراج ثلث أموالهم صدقة جارية في مسجد، أو مصحة، أو مدرسة، أعطوا الأولوية للجهاد، وأوصوا بثلث أموالهم للمقاومة، لم احتاجت المقاومة الى مساعدة الدول الخارجية ، ولما تأثرت المقاومة بالحصار.
إن ثلث مال المتوفين من أهل فلسطين فيه غنى كثير للمقاومة، ومن شأنه أن يحرر المقاومة من الشروط السياسية، ومن عقبات نقص المال والسلاح، وأن يجعل المتوفى وأهله شركاء في الجهاد بعد موتهم، ويعطي مغزى كبيرا لمفهوم الرباط ودوام أجر المرابط. أعلم أن جهات فلسطينية عقدت مؤتمرا أمنيا في أريحا في الأيام القليلة الماضية لإحباط دعوة القسام للحصول على تبرعات مالية من خلال العملة الالكترونية، ودعوة الغرياني، ودعوة الوقف الإسلامي، والوصية للمقاومة بالصدقة الجارية فيه إحباط لكل المؤامرات الداخلية والخارجية لتجفيف أموال المقاومة.