في بداية مايو من كل عام يُحيي العالم اليوم العالمي للمرور، وفي الفم ماء كثير عن الحالة المرورية التي نشهدها في قطاع غزة، أذكر بعضه في هذه المقالة.
فلنبدأ بجملة "الحق على السواق" التي يحفظها الجميع في بلادنا، وتحمّل السائق دائمًا مشكلات الطريق وحوادثه العارضة والجسيمة، ولنا أن نتساءل: هل فعلًا كل ما يحدث في شوارعنا تقع مسئوليته حصرًا على السائق، السائق فحسب؟
لا نُعفي "السائقين" من مسئولياتهم، فهُم –وفق القانون– المسؤول الأول عما يجري في الطريق، المسؤول الأول، لا المسؤول الوحيد.
لكن حتى نُسائل السائق "بعينٍ قوية" وجب علينا أن نُسائل الجهات الحكومية عن دورها في توفير طريق سفرٍ آمنة وسليمة، وعن دورها في التوعية والإرشاد المروري، وعن دورها في التواصل مع هذه الفئة، وفهم مشاكلها واحتياجاتها، وعن دورها في تقنين منح الرخص التجارية لكل من هبّ ودبّ، وحدثاء الأسنان والطائشين، الذين يغامرون بأرواحهم وأرواح من معهم من أبرياء على الطريق السريعة، أو قولوا: الطريق الطائرة.
جانب آخر أكثر أهمية، وهو جانب "المُشاة" على الطريق، فمن السهل عليكَ أن تلحظ أن 95% من مشاة الطريق في غزة لا يحترمون قوانين السير أبدًا، ومن الطبيعي أيضًا أن تفهم أن كثيرًا من حوادث السير ومشكلاته قد تكون أولًا بسبب المشاة لا السائقين، وهاكم أمثلة نراها يوميًّا: عندما تفتح إشارة المرور للسيارات لعبور المفرق فإن الأولوية لها لا لأحد من أي اتجاه، ولا من المشاة، لكنّ المشاة يبادرون بقطع الشارع، دون تورعٍ أو خوف، ويا ليتهم يقطعونه من ممرهم المخصص لهم!، وعلى السائق –لاشك- أن يتوقف، وبذلك يوقف حركة السير في منتصف المفرق، ويحدث ازدحام مفاجئ قد يؤدي إلى حوادث (لا قدر الله)، وفي مشهد آخر أين يقف المشاة ليستقلوا سيارة تاكسي؟!، إنهم يقفون بالقرب من المفرق، أو على المفرق نفسه.
حقيقة، أرى من المناسب أن تبدأ شرطة المرور حملات توعية للمشاة لتعزيز ثقافة احترام قانون السير، وأن يبدأ الشرطي أيضًا على المفارق إيقاف المشاة ومنعهم من قطع الطريق في أثناء اشتغاله بحركة سير المركبات، ونصب إشارات عن أماكن جيدة لوقوف المشاة الذين يودون الركوب في "تاكسي"، وبالتدريج نحسن جزءًا من كلٍ متعثرٍ في الحركة المرورية العامة في القطاع.