*على مدار ندوتين مسائيتين، ناقشت جمعية الشؤون الدولية موضوع صفقة القرن من حيث عناصرها، المسرّبة صحافياً، واحتمالاتها وتداعيات تطبيقها فلسطينياً وأردنياً وعربياً، وإسرائيلياً، وما يهمنا في هذه الآونة التركيز على إمكانية فشلها أو نجاحها أو إنجاحها (أي تمريرها القسري أو العملية القيصرية التي ستمرر بها).
*احتمالات فشلها: ستكون رهن الرفض الفلسطيني المطلق، والرفض الأردني، والرفض العربي وأخيراً الإسرائيلي والدولي.
*فالرفض الفلسطيني يتأتى من تصميم شعبي باعتبار هذه الصفقة لا تلبي طموحات الشعب العربي الفلسطيني، وثمرة لنضال لمدة قرن من أجل تحقيق الأماني الوطنية الفلسطينية، وطن وهوية ودولة، ولا أظن أنه يوجد من بين مكونات الشعب الفلسطيني من لا يعتبر هذا الرفض واجباً وطنياً.
* والرفض الأردني تعبر عنه المواقف الرسمية المعلنة والمواقف الشعبية، فثمة توافق رسمي وشعبي في الموقف، ذلك أن إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة على حدود الرابع من حزيران (67) هو (مصلحة أردنية وطنية)، أي حل غير ذلك، ينطوي على مخاطر تهدد الأردن، جيوسياسياً.
*أما الرفض العربي، فهو يمر في حالة ضابية أو رمادية، فإذا ما اعتبرت (جامعة الدول العربية) ممثلة للنظام العربي، فموقفها المعلن هو الرفض، والتمسك (بحل الدولتيْن والمبادرة العربية)، ولكن المؤشرات عن دعم الدول العربية لهذا الموقف مازالت، بشكل فردي، لا تدعو إلى الاطمئنان الشعبي، حتى بلغ الأمر بمواقف بعض ممثلي ضمير الأمة والشعوب، مفكرين وكتابا وإعلاميين ومؤرخين الخ...، وقد انحرفت (بوصلتها) نحو تبرير التطبيع والجنوح إلى الاستسلام، وخذلان القضية التي ظلت على مدى قرن من الزمان الأولوية الأولى للشعوب العربية.
*وأما إسرائيلياً، فإن السياسة الصهيو/ أمريكية تعتمد على (الباب المفتوح لجميع الاحتمالات والمستجدات) ومع أن صحيفة (معاريف) الإسرائيلية قد ذكرت أن عناصر الصفقة من إعداد (نتنياهو) وتمّ تمريرها إلى الإدارة الأمريكية، فسوف تكون (إسرائيل) أول الرافضين، بهدف الابتزاز من جهة، ورفض أي تنازلات، من جهة، حيث ذكر(كوشنر) أن على إسرائيل والفلسطينيين تقديم تنازلات صعبة، ولا يعرف عمَّ يتنازل الجانب الفلسطيني؟ فلم يبق لديه ما يتنازل عنه.
*أما نجاح الصفقة، وهو الاحتمال الثاني، فيعتمد على الدبلوماسية السياسية الأمريكية، التي سوف تستخدم نفوذها السياسي وقدرتها الاقتصادية في التأثير على الدول العربية، إمّا لمواقفها أو لتحييدها، وكلاهما مرٌّ بالنسبة لهذه الدول، وربما سيكون هذا المسار هو الأصعب والشائك الذي سوف تجد الدول العربية نفسها، منفردة أو غير ذلك، أمام نفق مظلم أو أزمة خانقة... ولن تجد مخرجاً الا بحشد مواقف شعبية رافضة.
* أما (إنجاح) الصفقة، فهو ما قد تعتمده السياسة الأمريكية في التطبيق المرحلي من جهة، وبسياسة (الحل بالقطعة) من جهة أخرى؛ بدأت بالقدس وبتأييد قانون قومية الدول اليهودية، والجولان كتمهيد لغيرها، ومن ثم بالقضايا المؤجلة للمرحلة النهائية، المفترضة سابقاً، كقضية حق العودة للاجئين، وحق إسرائيل في السيادة على الأراضي الفلسطينية من أجل الأمن الإسرائيلي... الخ فتكون الإدارة الأمريكية بذلك، قد مارست تحقيق (السلام القسري)... وهذا يتطلب رفض أي خطوة أمريكية بردود فعل عملية عربية.
*أما من الجانب العالمي، وبخاصة الأوروبي ، فسوف يتخذ القرارات الرافضة، وتحاول إضفاء طابع دولي على ذلك الرفض من خلال قرار يصدر عن الهيئة العامة لمنظمة الأمم المتحدة، منزوعة الأنياب.
* وأخيراً، ما هو مصير الصفقة؟ فشل أم نجاح أم إنجاح قسري والحاجة إلى نشاط دبلوماسي/سياسي، عربي وإسلامي، هو أقل ما ينتظر القيام به، كنشاط مسبوق لإعلان الصفقة (بعد رمضان) كما ذكر المستشار (كوشنر)!.
الدستور الأردنيّة