كيف نواجه صفقة القرن؟! هل ثمة معضلة في عملية المواجهة؟! الجواب المباشر: إنه لا معضلة، ولا ما يحزنون، إذا توفرت إرادة المواجهة. وهذا يعني أن هناك شكا في وجود هذه الإرادة، والدليل : أن فتح تتهم حماس بالتمهيد لها، وحماس تتهم السلطة بأنها جزء منها؟! والدليل الثاني أن محمود عباس ذهب إلى العرب في جامعتهم، ليطلب من اجتماع وزاري، غير مقرر، مواجهة الصفقة، ونسي أمرين : الأول أن بعض العرب ضغطوا عليه لقبول الصفقة، وهؤلاء على تواصل مستمر مع كوشنير. والثاني أنه لم يجمع الصف الوطني الداخلي في بيان مشترك، وموقف مشترك على رفض الصفقة.
أبو مرزوق رحب بطلب عباس من العرب رفض الصفقة. وهذا موقف جيد إعلاميا، ولكن كان مطلوبا أن يستجيب عباس، وتستجيب فتح للدعوة المتكررة لعقد اجتماع وطني شعبي ورسمي، يعقد في رام الله وغزة معا عبر وسائل التواصل التقنية يستهدف تسجيل رفض مشترك يجمع عليه الجميع في رفض صفقة القرن، ويمكن عقد هذا الاجتماع قبل إنجاز المصالحة، التي تتخذ شماعة عادة للفرقة، والمناكفات السياسية، والاتهامات المتبادلة.
إن تصريحات عزام الأحمد الأخيرة ضد حماس والجهاد الإسلامي، لا تسيء للحركتين بقدر ما تسيء لحركة فتح، وللسلطة أيضا. والحركتان لا تستجديان الجلوس مع فتح، ولا التحاور مع عزام، فعزام عندهما موفد الشيطان للوسوسة وتفجير الاجتماعات، وهو لا يملك رؤية للتواصل مع الآخرين. ولو أنصفت فتح نفسها وأنصفت عزام، لأخرجته من ملف العلاقات الوطنية وتمثيلها في اجتماعات المصالحة.
نحن لا نعرف بدقة مضامين صفقة القرن لكثرة ما قيل فيها، وكثرة التصريحات حولها، وكثرة نفي ما يقال، حتى باتت وكأنها لغز محير، ولو بسطنا الآمر لقلنا مطمئنين إنها تتبنى الرؤية الإسرائيلية لإنهاء الصراع، وهذا تلخيص مبسط وكاف لرفضها رفضا يجمع عليه الفلسطينيون فيما بينهم، ويجمع عليه العرب أيضا. أميركا التي اعترفت بضم القدس، ثم بضم الجولان، ثم بالتنكر لحل الدولتين، لا يمكن أن تقدم مشروعا بديلا مفيدا للفلسطينيين والعرب؟!
نعم. عباس هو من ألقى بنفسه وبالقضية في أحضان أميركا. وهو يحصد الآن نتاج فعله غير الموزون . ولكن يمكن لحماس، وللشعب الفلسطيني أن يتجاوزوا هذه المغامرة، وأن ينقذوا عباس والقضية أيضا من تغولات أميركا. لا يوجد يد يمكنها مساعدة عباس غير اليد الفلسطينية، لأن يد العرب تكاد تكون مشلولة.