قائمة الموقع

الطفل "صبيح" يوقد شمعة ميلاده التاسعة دون والده الأسير

2019-04-21T07:10:07+03:00

في كل عام ينتظر الطفل صبيح طبنجة يوم ميلاده على أحر من الجمر، يرقب الهدايا والألعاب التي يفاجئه بها والده، لكنه اليوم يوقد شمعة ميلاده التاسعة وحيدا، فوالده الأسير لدى الاحتلال الإسرائيلي محمد طبنجة (38 عاما) من مدينة نابلس مضرب عن الطعام منذ 25 يوما، احتجاجا على اعتقاله الإداري المتواصل منذ 10 أشهر.

"ما بدي احتفال.. بس يطلع بابا بخليه يعملي"، هكذا كان رد صبيح على دعوات جده ووالدته وأعمامه بإقامة حفل ليوم ميلاده، رده لم ينتهِ: "أنا كبير ووالدي يعاني في سجون الاحتلال ومضرب عن الطعام.. ما بدي أحتفل إلا معه". لا يدرك صبيح أن الاعتقال الإداري غير محدد النهاية، فكثيرا من الأسرى معتقلون منذ سنوات دون تهمة.

في مثل هذا اليوم من كل عام كان والدا صبيح يجهزان البيت بالبالونات وأشكال الزينة المختلفة، يوجهان دعوات للأقارب احتفالا بمولد ابنهما البكر، يضعان صورته على قالب جاتوه، ويوقدان الشموع، ويطلقان العنان لأصوات الفرح، يلتف حوله الأعمام والأقارب.. مشهد غاب اليوم عن هذا الطفل ووالدته التي يبكي قلبها رغم محاولتها إسعاد ابنها.

في العامين الماضيين فاجأ الأسير ابنه بدراجة هوائية، ولعبة "بلايستيشن"، لكن في هذا العام فاجأ الاحتلال الطفل صبيح بعزل والده المضرب عن الطعام في غرفة عزل انفرادية في سجن النقب الصحراوي، لا تستطيع زوجته إخفاء حسرتها: "مرت عشرة أشهر كأنها عشر سنوات بطيئة.. لا يوجد تواصل بيننا وبين زوجي".

لم تتخيل زوجة الأسير أمل طبنجة (25 عاما) أن يأتي اليوم الذي يغيب زوجها طيلة هذه المدة عن البيت دون تهمة أو محاكمة، لا تخفي في حديثها لصحيفة "فلسطين" ذلك: "شعور قاسٍ على قلبي ألّا أستطيع الاحتفال بميلاد ابني البكر؛ حتى الفرحة حرمنا منها الاحتلال الذي يعتقل زوجي دون أي تهمة أو سبب".

الاحتلال لم يسرق فرحة هذه العائلة فقط بيوم ميلادها، بل مرت مناسبات عديدة خلال فترة اعتقال الأسير احتاجت إليه أسرته الصغيرة فيها فلم تجده، لم يرَ أبناءه يذهبون للمدرسة بملابسهم الجديدة، ولم يوصلهم إليها كعادته، غابت قبلته التي كان يطبعها على وجوه طفليه: صبيح، وصهيب (7 سنوات)، هي معاناة تجسدت في أقل من عام "فكيف حال الأسرى الذين يقضون أعواما عديدة وراء القضبان؟" سؤال مرعب لا تتمنى طبنجة أن يحدث معها.

في 28 يونيو/ حزيران 2018م، جاءت قوة إسرائيلية كبيرة إلى منزل طبنجة مكونة من أربعة جيبات عسكرية وحافلة، تروي زوجته ما حدث:" اقتحمت القوة البيت، وأدخلوه إلى غرفة النوم وأغلقوا الباب للتحقيق والتفتيش وعاثوا بها خرابا ثم اعتقلوه (..) تعرض للضرب أمام عتبات باب المنزل".

لحسن حظ زوجة الأسير أن النوم أغلق أذني طفليها عن أصوات الاقتحام وبقيا نائمين، وبعد مرور ثلاثة أشهر من الاعتقال سمح الاحتلال لهما بزيارة والدهما، تستذكر زوجته تلك اللحظة: "لم يكن موقفا عابرا، بمجرد أن فتح الاحتلال باب صالة الاستقبال في السجن ركض ابناي في لهفة وشوق كبيرين يطرقان العازل الزجاجي يريدان كسره واحتضان والدهما".

لم تشفع دموع الطفلين التي سالت لاحتضان والدهما، ثم مرت أشهر عدة فقرر الأسير طبنجة ومعه عدد من الأسرى المعتقلين إداريا خوض إضراب عن الطعام، يطالبون فيه بالحرية بعدما انقضت مدة ستة أشهر من الاعتقال الإداري، دون توجيه أي تهمة، تقول زوجته: "قدمنا طلب استئناف لمحكمة الاحتلال العليا كي يُفرج عنه، لكنها رفضت".

حدث الأسير زوجته قبل خوض الإضراب الذي بدأه في 24 مارس الماضي، وهي تنتظر تحقيق مطالبه، لكن تعبر عن خشيتها على حياة زوجها نتيجة الإضراب المتواصل عن الطعام، خاصة بعدما انقطع التواصل بينهما منذ تلك المكالمة الهاتفية، وعزل الاحتلال له، دون أي معلومات تطمئنهم على وضعه الصحي.

اخبار ذات صلة