اليوم الأحد تعقد جامعة العرب اجتماعا وزاريا بناء على طلب فلسطيني لمناقشة ما يقال عن صفقة القرن. المؤتمر الوزاري سيحضره محمود عباس، حيث سيلقي فيه كلمة توضح الموقف الفلسطيني، ومن المتوقع أن يطالب بشبكة أمان مالية عربية للسلطة.
من المعلوم أن صفقة القرن هي صناعة إسرائيلية أميركية، وأن دولا عربية أبدت استعدادا للتعامل معها، ودولا أخرى أعلنت تفهمها الإيجابي لها، ودولا ثالثة أبدت رفضها لها، ولكن على طريقة المتفرجين المنتظرين للنتائج. الدول التي أبدت تفهما وتعاونا في مقابل العطاء المالي الكبير، هي التي تهتم بها أميركا وإسرائيل، وتكاد أن تكون الدول الرافضة دولا هامشية، لا وزن لها في السياسة الأميركية.
أميركا تنظر إلى مصر، والأردن، والمملكة، ودول الخليج، ولا تكاد تنظر إلى دول المغرب العربي، والسودان، وجيبوتي والصومال، وجزر القمر، ولا حتى لسوريا والعراق. وهنا نسأل محمود عباس الذي أكد رفضه لصفقة القرن، إلى أي الدول تستند في رفضك، وفي حركتك؟! إن كنت تستند لدول التفهم والتعاون، فأنت واقع لا محالة تحت تأثيرها، وإن كنت تستند إلى الرافضين، فما معنى طلبك شبكة أمان مالية هي في يد المجموعة الأولى، التي تطالبك بقبول صفقة القرن؟!
جامعة العرب قد تذهب في اجتماعها الأحد إلى رفض إعلامي لصفقة القرن، ولكن بيان الرفض هو بيان للشعب، وليس نهاية الموقف العربي، ومن ثمة لا يجدر بنا أن ننظر إلى بيان الرفض على أنه نصر للدبلوماسية الفلسطينية والعربية. بل إن هذا الاجتماع المتأخر دليل على فشل الدبلوماسية العربية والفلسطينية معا، في معايشة الحدث السياسي، والتأثير فيه.
جامعة العرب غافلة، ودبلوماسية فلسطين نائمة، وصفقة القرن ماضية في الواقع، سواء أعلن عنها ترامب بعد رمضان، أو لم يعلن عنها. ما تريده إسرائيل يطبق على الأرض بقوة دفع أميركيا، وحين رفضت حكومة نتنياهو حل الدولتين، وجدت أن أميركا تبني صفقة القرن بعيدا عن مشروع حل الدولتين. لو كان عباس جاد في مواجهة قوية لصفقة القرن لأقام حكومة وحدة وطنية بمصالحة مع حماس أو دون مصالحة، أو على الأقل لاستجاب لدعوات عقد مؤتمر وطني جامع بين غزة والضفة لرفض الصفقة ومواجهة تداعياتها معا. إن هذا التجمع الوطني الداخلي أفيد للقضية من بيان تقليدي لجامعة العرب، بعد أن تكلست مفاصلها، وسقط وزنها في العالم، سقوط الشهامة العربية تحت أقدام إسرائيل وأميركا.