فلسطين أون لاين

قطع رواتب الأسرى.. حين يكون الخذلان من بني جلدتك!

عائلة الأسير "عودة" مطاردة بالإيجارات والمحرر "الصفطاوي": الخذلان أسوأ شعور

...
غزة/ يحيى اليعقوبي

تعيش زوجة الأسير وائل عودة المحكوم بالسجن 12 عامًا وأطفاله الستة معاناةً مزدوجة، فمن حرمان الاحتلال الإسرائيلي رؤية والدهم ومنع زيارتهم له منذ عامين، إلى قطع السلطة راتبه، لتزداد الأحمال الثقيلة على ظهر هذه الأم وأطفالها.

قبل عام خصمت السلطة نصف راتب زوجها الأسير، وبدأت مصاعب الحياة ومستلزماتها تتكالب عليها خاصة وأنها تسكن بالإيجار، وضاقت الحياة بها أكثر بعد قطع الراتب كاملًا منذ أربعة أشهر.

أمام غياب مصدر الرزق الوحيد لها ولأطفالها، خرجت زوجة الأسير عودة من بيت الإيجار محملة بديون ستة أشهر متراكمة، للبحث عن سكن بسعر منخفض حتى لو كان رديئًا.

فمن بيت جميل كان يُؤوي الأطفال ووالدتهم، إلى حواصل تملؤها الرطوبة وتتسلل إليها القوارض، لا يدخلها ضوء الشمس، معتمة كظلمة السجون، مكان اضطرت "عودة" لنقل أطفالها إليه، فالواقع صعب "وما باليد حيلة" كما تقول.

تضيف "عودة" لصحيفة "فلسطين" ومن حولها صوت طفل يردد "عباس قتلنا": "لم نكن نتوقع أن تصل حياتنا المعيشية لهذا الحد، لا أستطيع حتى شراء قرطاسية المدرسة لهم، منذ شهرين لم أذهب للسوق لشراء الخضار، ونأكل ما تيسر لنا".

"ما بدنا أكل ولا شرب، بدنا يرجع أبونا" هذا ما يتمناه أطفالها الذين تغير مسار حياتهم منذ اعتقاله عام 2015، وانتهى المطاف بقطع راتبه. ولا تخفي والدتهم عدم قدرتها على منحهم مصروفهم المدرسي، موضحة: "قد يتفهم الأطفال، لكنني أشعر بالقسوة حينما لا أستطيع إعطاءهم مصروفهم اليومي".

تتألم وفي قلبها غصة من الخذلان الذي منيت به من "بني جلدتنا" كما تقول، وتضيف بصوت حنجرتها الممزوج بالحسرة: "بدلًا من أن يوفر رئيس السلطة لقمة عيش لأبناء الأسرى يقطعها، ألا يكفي أن زوجي موجود في سجون الاحتلال؟".

وتابعت: "كيف سنسدد إيجار البيت دون راتب زوجي؟"، سؤال تبحث عن إجابة له في ضمير "كل حر"، لوقف التلاعب بمشاعر أبنائها: سندس (13 عامًا)، وعلي (13 عامًا)، ومحمد (11 عامًا)، وريماس (10 أعوام)، وعميد (8 أعوام)، وسندريلا (3 أعوام).

مكافأة التضحية

أما الأسير عماد الدين الصفطاوي، فقد تحرر في ديسمبر/ كانون الأول 2018، بعد 18 عامًا أمضاها بين القضبان، محررًا معه دمية كان قد منعه الاحتلال من إرسالها لابنته، وحينها اتصل به رئيس السلطة محمود عباس يهنئه ويشيد بمواقف والده الشهيد القائد في حركة فتح، ووعده بمساعدته في أي طلب.

ووطئت قدماه تراب غزة وهو يحمل معه خططًا وبرامج حياتية، منها إكمال بناء بيته، وشراء سيارة بالأقساط، والكثير من الالتزامات، إلا أن كل ذلك تحول فجأة إلى أعباء كسرت كاهله، حين ذهب وزوجته إلى البنك لاستلام راتبه كالعادة، فكانت المكافأة التي وعده بها عباس "قطع راتبه" دون سابق إنذار.

يعلق الصفطاوي في حديثه لـ"فلسطين": "تفاجأت بالأمر، فآخر ما كنت أتوقع أن يقطع راتبي، راجعت الأمر في البداية وقالوا إنه خطأ إداري، لكن ومنذ تلك الفترة لم أستلم راتبي".

وأضاف "أعيش حاليًّا في حالة ضيق شديد، فظرفي المادي صعب، لكنني واثق أنني لن أموت من الجوع".

وأوضح الصفطاوي وقد بدا متألمًا، أن "أخطر شيء على الأسير نفسيًّا ومعنويًّا عندما ينبَّأ في السجن بقطع راتبه، بالنسبة له هذا خنجر غدر في ظهر الأسرى، وعقاب مضاعف، فالخذلان أسوأ شعور".

لكن السلطة مستمرة في عقوباتها الجماعية، حيث ما زالت تقطع رواتب 1100 جريح، و400 أسير، و1668 شهيدًا.