أجمع باحثون خلال مؤتمر إطلاق تقرير "مدار" الاستراتيجي 2019، في تحليله للمشهد الاسرائيلي عام 2018، على أن المجتمع الاسرائيلي يتجه نحو اليمين المتطرف سياسيا ودينيا.
وخلُص التقرير الذي أعده المركز الفلسطيني للدراسات الاسرائيلية "مدار"، إلى أن المرحلة المقبلة ستشهد نقلة في الدفع باتجاه ضم المستوطنات وإلحاقها بالسيادة الإسرائيلية، وتسريع التوسع الاستيطاني، بما يسرع في خطوات ترسيخ "الهوية القومية اليهودية"، ويحبط إمكانية إقامة دولة فلسطينية مستقلة.
ورأى التقرير أن نجاح "الليكود" بقيادة بنيامين نتنياهو جاء مغايرا للتوقعات والاستطلاعات التي تنبأت غالبيتها بتجاوز "أبيض أزرق" لليكود بفارق عدة مقاعد، على الرغم من تجند وتحالف غير مسبوق لشخصيات وقوى مختلفة ومتنافرة في قائمة واحدة من أجل إسقاطه.
ونبه التقرير إلى أن النتائج أظهرت أن كتلة اليمين تحظى بدعم شبه ثابت من قواعدها، وأن الحراك يتم بين الأحزاب في اليمين، وليس بين كتل اليسار واليمين.
وقال عضو مجلس إدارة المركز وليد الأحمد إن المركز اعتاد على اطلاق التقرير الخاص به منذ 17 عاما، في ظروف بالغة الصعوبة وتعصف بالقضية الفلسطينية برمتها، وتقرير هذا العام يأتي في ظل تداعيات "صفقة القرن"، وتأثيرها على القضية الفلسطينية، وعلى المنطقة بأكملها، والتي تمثلت في الاجراءات العدوانية الأميركية تجاه شعبنا الفلسطيني، إضافة الى الانتخابات الاسرائيلية، والتوجه نحو اليمين المتطرف سياسيا ودينيا.
بدوره، قال الباحث مهند مصطفى في ورقته بعنوان "مشهد العلاقات الخارجية الاسرائيلية" إن هناك تكريس لرؤية اليمين المتطرف وسيطرته على السياسة الاسرائيلية، إضافة الى أن هناك عملية استقرار للسياسة الخارجية الاسرائيلية على المستوى الدولي، من خلال السعي لبناء تحالفات محددة داخل الاتحاد الأوروبي، وتعزيز حضورها في القارة الأفريقية، إضافة إلى أن (إسرائيل) تعطي أهمية لأميركا اللاتينية في محاولة مد جسور دبلوماسية جديدة، تعتمد على التعاون الاقتصادي والتكنولوجي.
من جهته، أكد الباحث انطوان شلحت في ورقته البحثية بعنوان "المشهد السياسي"، أن "الكنيست" الإسرائيلي سن في 19 تموز 2018 قانون القومية، وسيكون هذا القانون واحدا من قوانين الأساس التي لديها مكانة دستورية، ويرتكز على النظام القانوني الاسرائيلي، إضافة الى أن الإدارة الأميركية بزعامة ترامب شجعت حكومة الاحتلال على تمرير قوانين في غاية الخطورة.
وقال عضو اللجنة المركزية لحركة فتح ناصر القدوة، إن هناك تحولا في (إسرائيل) نحو اليمين المتطرف سياسيا ودينيا، مشيرا إلى أنه وخلال السنوات السابقة، كان العمل الاستراتيجي الاسرائيلي مناقضا لاتفاق أوسلو، بما في ذلك تعزيز الاستعمار الاستيطاني، وتقطيع أواصل الضفة الغربية، ومحاولة تغيير كل السياق السياسي.
من ناحيتها، قالت مديرة المركز هنيدة غانم في الجلسة الختامية إن الرواية الإسرائيلية التي استخدمت من أجل بث الروح في القومية اليهودية لبناء كل مشروع الايدلوجيا الإسرائيلي، هي الان تتمدد، وبذلك فإن (إسرائيل) تتحول من (إسرائيل) الأولى العلمانية الاشتراكية إلى (إسرائيل) الثالثة ذات التوجه الديني الاستيطاني، الذي يركز على هوية الدولة اليهودية والقومية.
وأوضحت أن انتخاب نتنياهو الأخيرة رغم حالة الاستقطاب، ورغم تجند النخب كاملة من أجل اسقاطه، هي عمليا ضوء أخضر من أجل تنفيذ ما وعد به، وأهمها عملية الضم، وفرض السيادة على مناطق المستوطنات، وتكريس الهوية القومية اليهودية.