انتشرت في الآونة الأخيرة ظاهرة اصطحاب الشباب والمراهقين الكلاب في شوارع القطاع، من باب "التشخيص" و"العربدة"، وأنبه بدايةً إلى أن الحديث هنا لا يُقصد به مناقشة حرية الأفراد في تربية الحيوانات، طالما أن الأمر في إطاره الصحيح.
قبل مدة ليست بعيدةً كان الأمر نادرًا إلى درجة أنك لا ترى كلبًا يسير به صاحبُه في الشهر مرةً واحدةً، ثم تطور الأمر لتراه مرةً في اليوم على الأقل، وهنا يُلحّ علينا التساؤل المشروع عن تطور هذه الحالة لتصبح أشبه بالموضة.
نذكر أنفسنا وإياكم أن الدين الإسلامي لم ينهَ عن تربية الحيوانات، لكنه قيدها عند الكلاب بشروطٍ لخصها النبي (صلى الله عليه وسلم)، في الحديث الذي رواه أبو هريرة، ما رواه أبو هريرة (رضي الله عنه) أنّ النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: "مَنِ اتَّخَذ كلبًا، إلا كلبَ ماشيةٍ أو صيدٍ أو زرعٍ؛ انتقص من أجرِه كلَّ يومٍ قِيراطٌ"، وليس الأمر هنا دينيًّا فحسب، بل صحيٌّ أيضًا، فالأمراض التي تنتقل إلى الإنسان من الكلاب كثيرة جدًّا، وليست المحافظة على نظافته حلًّا لمعالجتها أبدًا.
وقد تكون الإجابة عن الأسباب التي تقف وراء انتشار ظاهرة اصطحاب الكلاب في الشوارع سهلة، إذا ما نظرتَ بعينٍ مجردة إلى الأماكن التي تكثر فيها هذه الظاهرة: الجامعات والمدراس، والأسواق العامة، والكورنيش، والأماكن التي يرتادها الناس للتنزه والترفيه، أو يحسبونها أماكن للمشي والترويح عن النفس، وهنا نصل إلى خلاصة أن من يصطحب الكلب في هذه الأماكن إما يريد أن يرفه عنه، أو يريد أن ينغص على الناس ترفيههم.
وسيكون من المفاجئ لدى بعض عِلمُه أن هناك سوقًا أسبوعيًّا وسط القطاع، لعرض الكلاب وبيعها، وبأسعار تبدأ من 300$ وتزيد على 1000$، وهي بالمناسبة كلاب ضالة في أغلبها، فلا هي مستوردة رسميًّا ولا هي مربية منذ صغرها، بل إنها تصطاد من المناطق الشرقية، بعد أن تكون فرّت أو رُميت من الجانب الآخر.
وحتى لا نكون ممن يتحدث عن الأمر بعد وقوع الكوارث والأحداث، فهذه المقالة موجهة بالأساس للجهات الرسمية أن تبدأ التحرك لمعالجة هذه الظاهرة، وهي دعوة لكل أصحاب الرأي والقلم من كتاب وصحفيين أن يطرقوا الموضوع سريعًا، قبل أن تُحدِث هذه الكلاب مشكلة تجعلنا جميعًا في موضع "رد الفعل".