فلسطين أون لاين

​لو كنت مكان الرئيس

...
نهال الجعيدي

تركزت الدعاية الانتخابية الإسرائيلية على موقف الأحزاب من كل القضايا المتعلقة بالصراع العربي الإسرائيلي وكان الإجماع من الأحزاب كخط أحمر لا يمكن تجاوزه في ثلاث قضايا رئيسة هي دعم الاستيطان على حساب أراضي الضفة المحتلة، وإلغاء حق العودة للفلسطينيين المهجرين، ورفض أي حل يقضي بتسليم القدس أو جزء منها على اعتبار أنها العاصمة الأبدية للاحتلال.. أما القضايا التي كانت محل خلاف بين هذه الأحزاب كانت قضية استئناف عملية السلام، وإقامة دولة فلسطينية فكان على سبيل المثال حزب الليكود مع استئناف عملية السلام وإقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح، و ميرتس قيام دولة فلسطينية ترتكز على مبادرة السلام العربية، وأزرق وأبيض فكان التوسع الاستيطاني في الضفة المحتلة والانسحاب الأحادي من الضفة المحتلة بما يضمن أمن ومصالح (إسرائيل) مع رفض إقامة دولة فلسطينية، أما حزب البيت اليهودي و"إسرائيل بيتنا" فهم من أشد المعارضين لقيام دولة فلسطينية.

ورغم خطورة ما يتم طرحه وما تتبناه هذه الأحزاب على القضية الفلسطينية من أفكار متشابهة في جوهرها مختلفة في مظهرها، إلا أن ما طرحه بنيامين نتنياهو أنه لن يسمح بتسليم غزة لرئيس السلطة محمود عباس والإبقاء على حالة الانقسام، و ضمّ الضفة المحتلة كأحد أهم القضايا على جدول أعمال الحكومة الجديدة، مستندا إلى موقف الإدارة الأميركية الداعم له، على غرار ما جرى من الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان السورية، والاعتراف بكامل القدس عاصمة لدولة الاحتلال الإسرائيلي، حديث لم يكن دعاية انتخابية عابرة لجلب الأصوات فقط، بل هو توجّه حقيقي، فهذا جزء من المعتقد الديني للأحزاب اليمينية الصهيونية، وهو ما ستسعى له حكومة نتنياهو المرتقبة بكل الوسائل لكسب مزيد من الإنجازات لصالح دولة الاحتلال في ظل المدة المتبقية من ولاية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وحالة الترهل والضعف العربي والهرولة نحو تطبيع العلاقات مع الاحتلال.

لقد كان تعويل الرئيس عباس على فوز حزب أبيض أزرق تمسكًا بسراب أحلامه المتمثل باستئناف عملية "التسوية" متذرعا بحرصه على أراضي الضفة المحتلة وحماية مكتسبات اتفاق "أوسلو" وأنه مستعد لتقديم الكثير من التنازل للحفاظ على هذه الرقعة الجغرافية كنواة للدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، والآن وقد ذهبت هذه الأحلام أدراج الرياح حيث قالتها جميع الأحزاب الإسرائيلية بأنه لا توقف للمد الاستيطاني ولا دولة فلسطينية وبفوز نتنياهو بولاية خامسة، يجب على عباس مواجهة دعوة نتنياهو بضم الضفة بمجموعة من الخطوات العملية.

ولو كنت مكان عباس لبدأت بالأولى وسعيت بكل جهد ممكن لرأب الصدع وإنهاء الانقسام والغاء العقوبات عن قطاع غزة، وطالما أنك لن تجني من الاحتلال أي مكتسبات مقابل التنازلات التي تمنحها له عبر التنسيق الأمني، فالأولى أن تقدم هذه التنازلات لإنهاء الانقسام وتوحيد الصف الفلسطيني، واطلاق يد المقاومة في تحقيق المكتسبات عبر لغة القوة التي يفهمها الاحتلال جيدا.

أما النقطة الثانية فهي التخلص من كل الاتفاقيات الموقعة مع الاحتلال، وإعلان أن الطرف الفلسطيني في حل منها، وتحميل الاحتلال المسئولية الكاملة عن ذلك من خلال الإعلام ومن خلال خطابات رسمية موجهة لكل الدول التي نملك فيها سفارات وقنصليات وبعثات دبلوماسية.

وثالثا وهي الورقة الرابحة والضاغطة على الكيان الإسرائيلي وجمهوره هو الدعوة لهبة جماهيرية شعبية في الضفة المحتلة، والتحلل من التنسيق الأمني، واعطاء الضوء الأخضر للمقاومة في الضفة المحتلة لترد اعتداءات الاحتلال وتواجه سيناريو الضم العنصري فهي الوحيدة القادرة على لجم الاحتلال وإرغامه على التراجع.

لو طبقت هذه الوصايا والآراء، وكانت هي النهاية لمشوارك السياسي، فنعم بها من نهاية مشرفة تختتم بها صحيفة أعمالك غير مفرط بثوابت شعبك وحقوقه، فتحظى باحترام نفسك ومؤيديك.