فلسطين أون لاين

الغرفة التجارية وأرض المعارض

غزة بلدة ساحلية تجارية الهوى كابرًا عن كابر. غزة التجارية ربما لا تسبقها مدينة ساحلية في التجارة الحرّة غير يافا التي سقطت بيد الاحتلال، فرجع بها القهقرى، حيث تعمد إهمالها، وظلت غزة على مدى العقود تقاوم العدو وتقود الاقتصاد الفلسطيني، وتحافظ على تاريخها، فهي مهبط رأس المال، ونافذته على العالم من خلال المتوسط ومينا غزة .

غزة مخزون الثورة الفلسطينية الحديثة، وقاهرة الاسكندر الأكبر قديما، تمارس حياتها اليومية بقوة وشموخ. تتحدى الحصار والفقر والبطالة. وتمدّ يدها لكل مستغيث قادم من سوريا أو ليبيا، أو اليمن. في غزة عوائل كريمة هي أعمدة المجتمع قبل الفصائل، إليهم يرجع الفضل في بناء المؤسسات، والجامعات، والجمعيات، والأسواق، بل والمدنية .

غزة الجامعة الإسلامية، وغزة مستشفى الشفاء، وغزة سوق فراس والزاوية، وغزة الغرفة التجارية، وقد عرفتُ قديما الغرفة التجارية بالحاج راغب مرتجى، وبالحاج رشاد الشوا، رحمهما الله، وأعرفها اليوم بالحاج وليد الحصري، وفريقه الذي يعمل ليل نهار ليستعيد الدور القيادي التاريخي للغرفة التجارية، على مستوى التجارة والسياسة أيضا.

زرت الغرفة التجارية فذكر لي قادتها الكرام أنهم بصدد افتتاح مشروع أرض المعارض الفلسطينية على مساحة واحد وعشرين دونمًا. المشروع هو الأول من نوعه في فلسطين، على غرار أرض المعارض بمدينة نصر بالقاهرة، وهو مشروع ضخم متعدد الأهداف يخدم التجارة، ويخدم الثقافة، ويخدم الإنسان الفلسطيني وإبداعات شعب لا يقهر بإذن الله.

أعلم أن حالة من الكساد ما زالت تضرب غزة وتجارها وشعبها، ولكن وجدتُ غرفة تجارية طموحة تحاول أن تقاوم الكساد، وتعيد إلى التجارة والتجار حيويتهم، فهي يدهم في الرخاء والشدة، وقلبهم النابض في العسر واليسر، ومن ثمة أستطيع القول بأن الغرفة التجارية هي إحدى القلاع المتقدمة في المقاومة، وكسر إغراءات رأس المال بالهجرة للخارج.

في ظني، أنه يجدر بالقيادات السياسية والفصائلية في غزة أن تقف إلى جانب شرائح التجار، وتعينهم على التغلب على الكساد الذي أضرّ ببعضهم، وجمد تجارة بعضهم الآخر، ويجدر أن يكون هذا من خلال الغرفة التجارية، ومن خلال مراجعة ملفات الضرائب ما أمكن فكلنا في مركب واحدة. غزة في حاجة لغرفة تجارية فاعلة ونشطة تقوم برعاية هذه الشرائح التي أصابها ما أصاب المجتمع عامة من الحصار الظالم، وهؤلاء كانوا في زمن الخير والحيوية سباقين للخير والعطاء. كانت يدهم موجودة في الجامعات، والمشافي، وبيوت العجزة، والمعوزين. اللهم ارفع عن غزة الحصار، وبارك في صاعها، واجعل قرشها حلالا، يا أرحم الراحمين.