عبء كبير ألقاه الحصار الإسرائيلي على كاهل وزارة الصحة بغزة إثر منع تحويل عدد كبير من المرضى للخارج تحت ذرائع مختلفة، في حين أنهك الحصار قوى الوزارة في ظل نقص الأدوية والمستلزمات الطبية الأمر الذي جعلها غير قادرة على إكمال العلاج لعدد كبير من المرضى، فكيف تعاملت الوزارة والمؤسسات الحقوقية مع قرارات المنع الإسرائيلية؟
منسق الوحدة القانونية في مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان علاء السكافي بين أن بداية أزمة "التحويلات للخارج" جاءت منذ فرض الاحتلال الإسرائيلي الحصار على غزة عام 2007 وازدياد نسبة الفقر نتيجة الإجراءات التي اتخذتها السلطة، والضعف في توفير العلاج لنقص الأدوية، وضعف الكادر الطبي فارتفعت نسبة التحويلات الطبية للضفة وأراضي الـ48 المحتلة والدول العربية المجاورة.
وعدّ الأسباب التي تتذرع بها دولة الاحتلال لمنع المرضى من الوصول للمؤسسات الصحية والعلاجية في الخارج "واهية تتمثل باعتبار الحالات المرضية ليست إنقاذ حياة" أو ادعاء أن العلاج متوفر في قطاع غزة.
وأوضح أن الأزمة الأخيرة تمثلت في ادعاء وجود أقارب من الدرجة الأولى للمريض ينتمون لتنظيمات إرهابية" (في إشارة إلى فصائل المقاومة الفلسطينية) وفق "قرار (الكابينيت) الصادر عام 2017م، أو وجود أقارب يقيمون بصورة "غير قانونية" في الضفة الغربية أو أراضي الـ48.
وأشار إلى أن دولة الاحتلال تتخذ كل فترة حججا ليس لها من الواقع ذريعة لمنع تحويل المرضى، مما حذا بمؤسسات حقوقية في الضفة وأراضي الـ48 المحتلة شريكة للمؤسسات الحقوقية بالقطاع بتقديم التماسات لـ"محكمة العدل العليا الإسرائيلية" وتفنيد تلك الادعاءات.
التماس قانوني
ولفت سكافي إلى أن "الجهات الأمنية" الاحتلالية أنكرت أمام المحكمة منع مرضى لانتماء أقاربهم لـ"فصائل المقاومة" رغم توفر أدلة لحالات كنا نتابع ملفاتها مع "دائرة التنسيق والارتباط المدني الإسرائيلي" والتي كانت ترفض تحويلهم لهذا السبب.
وذكر أنه بعد تقديم الالتماس في نوفمبر/ تشرين ثان 2018 منعت حالات لكن ليس بالعدد الذي كان عليه، إذ تقلص الرفض وهميَّا بعد تحول المنع إلى أن "ملف المريض قيد الدراسة"، موضحًا أنه خلال 2018 منع 1401 مريضًا لهذا السبب، واعتقل الاحتلال مريضًا و3 مرافقين أثناء سفرهم عبر حاجز بيت حانون "إيريز".
وأكد أن "القانون الدولي الانساني"، واتفاقية جنيف الرابعة يؤكدان أن الدولة القائمة بالاحتلال تتكفل بتقديم الرعاية الصحية الكاملة للمواطنين المحتلين بالشكل الذي توفره لمواطنيها، كما يجب أن تسمح بـ"الرسالات العلاجية" وتقديم العلاج المناسب للمرضى وفقاً لأقصى درجة ممكنة.
وأشار إلى أن القوانين الدولية تفرض على جهات دولية صحية مختصة وأجسام الأمم المتحدة المعنية بالصحة التكفل بتحسين الوضع الصحي بالقطاع.
وعن دور المؤسسات الحقوقية في هذا الإطار، أوضح السكافي أنه في بداية "أزمة رفض التحويلات" كانوا يتقدمون بطلبات "للارتباط الإسرائيلي" فإنْ رفض الطلب يتوجهون بالتماس لـ"مخابرات الاحتلال" للسماح للمريض بالمرور مع توجيه رسالة توضح الأوضاع الإنسانية والصحية التي يعاني منها، وفي حال استمرار المنع يتم تجميع عدد من الحالات والتوجه بها لـ"محكمة العدل العليا".
وأفاد أن أكثر الحالات رفضًا تعود لجرحى "مسيرات العودة" ومنهم حالات خطيرة جدًا، تحتاج لعلاج سريع، حيث رفضت طلبات المؤسسات الحقوقية لعلاج عدد منهم في مستشفيات الضفة، مما حذا بنا للالتماس أمام "العدل العليا".
وذكر أن المحكمة ألزمت "الجهات الأمنية" بتقديم العلاج لهؤلاء الجرحى والسماح لهم بالمرور، ونستند لهذا القرار في تقديم أي طلب لأي من جرحى المسيرات.
حالة عوز
فيما أوضح الناطق باسم وزارة الصحة أشرف القدرة أن الاحتلال الإسرائيلي منذ فرضه الحصار على غزة بات القطاع في حالة عوز في القدرات الدوائية بنسبة 45% خاصة في أمراض السرطان والدم ومستلزمات العمليات الجراحية الأساسية.
وأوضح أن 249 صنفًا دوائيَّا مفقودا من أصل 516، فتصبح الخدمة الصحية في المستشفيات قاصرة، ونضطر لتحويل المرضى للعلاج بالخارج.
وأشار كذلك إلى أن سلطات الاحتلال تمنع أكثر من 45% من المرضى المحولين من مغادرة قطاع غزة (تصل لألفي حالة شهرياً)، في حين أن أكثر من 62 بروتوكولًا علاجيَّا للسرطان والدم غير متوفر بسبب سياسة المنع.
وذكر أن سياسة العوز والمنع من العلاج في الخارج تتسبب في مضاعفات للمرضى تنتهي أحيانًا بالوفاة، وقد شهدنا في عاميْ 2017 و 2018 وفاة عشرات المرضى.
وأشار إلى أن الوزارة تجري تدخلات طبية للمرضى وفق ما يتوفر لها من إمكانيات، مبينًا أن عدم تحويل المرضى يؤثر مباشرة على القيمة العلاجية.