لم يكترث رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس لغياب الفصائل الفلسطينية، سيّما الوازنة منها، وأخرى منضوية تحت سقف منظمة التحرير، عن مشهد تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة محمد اشتية، ضمن سياسة التفرد والإقصاء التي ينتهجها في الساحة الفلسطينية.
وتجاهل عباس الأزمة العميقة التي يمر بها المشروع الوطني الفلسطيني، وحالة الانقسام بين قطاع غزة والضفة الغربية منذ أكثر من 12 سنة، عدا عن تعطيل دور منظمة التحرير، وهو ما دفع الشارع الفلسطيني للمطالبة بتشكيل حكومة وحدة وطنية.
وأدى وزراء حكومة اشتية أول من أمس، اليمين الدستورية أمام عباس في مقر المقاطعة برام الله وسط الضفة الغربية المحتلة، وهو ما يضع سؤالًا حول طبيعة المهام التي ستؤديها هذه الحكومة في المرحلة القادمة، وهل ستكون قادرة على الإيفاء بمتطلبات الشارع الفلسطيني؟.
مراقبان استبعدا إمكانية قدرة الحكومة على الإيفاء بمتطلبات الشعب الفلسطيني، خاصة في ظل المخاطر التي تحدق بالقضية الفلسطينية، عادين إياها خطوةً على طريق الانفصال النهائي عن قطاع غزة.
المحلل السياسي صلاح حميدة، رأى أن تشكيل حكومة اشتية بعيدًا عن مشاركة الفصائل، له انعكاس سلبي على الأداء السياسي والمهني لها، مرجعًا ذلك إلى أنها "بعيدة عن حالة الإجماع الوطني للفصائل في الساحة الفلسطينية".
ورجّح حميدة خلال حديثه لصحيفة "فلسطين" أن تقود هذه الحكومة الحالة الفلسطينية إلى مآزق جديدة، مشيرًا إلى أنها ستكون مُكملة لدور حكومة الحمد الله السابقة.
وقال: "الدستور الفلسطيني ينص على أن أي حكومة يجب تشكيلها بناء على رغبة الأغلبية الفائزة في انتخابات البرلمان، وهو ما لم تفعله حكومة اشتية، ولم تؤدِّ اليمين الدستورية أمامه"، مضيفًا أن هذه الحكومة شُكلت من الأقلية التي خسرت في الانتخابات، لذلك لن تستطيع القيام بمهامها تجاه الشعب الفلسطيني.
وتابع أن حكومة اشتية ستكون امتدادًا للحكومة السابقة، ولن تذهب لأي إنجازات على الساحة الفلسطينية، مؤكدًا أنه كان الأولى تشكيل الحكومة بالحوار ووفق النصوص الواضحة للدستور الفلسطيني والإجماع الوطني، للخروج من الحالة الراهنة.
ويتفق مع ذلك الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل، قائلًا: "لا تزال حركة فتح تدير الوضع الفلسطيني في ظل استمرار الانقسام السياسي بين غزة والضفة".
وأوضح عوكل لـ"فلسطين" أن هذه الحكومة "لا تمثل الكل الفلسطيني"، إلا أن سلوكها وبرنامجها يحددان الطريق التي ستقود من خلاله الشارع الفلسطيني "وسنرى إن كانت مسؤوليتها تجاه الوطن في غزة والضفة والقدس، أم ستُكمل سياسة الحكومة السابقة".
وبيّن أن كل ما صرّح به اشتية منذ الإعلان عن تشكيل الحكومة مرهون بمدى تطبيقه عمليًّا، خاصة فيما يتعلق برفع العقوبات المفروضة على قطاع غزة، وإنهاء الانقسام، وتنفيذ قرارات المجلسين "المركزي" و"الوطني" حول تحديد العلاقة مع الاحتلال الإسرائيلي.
وحول السيناريو المرتقب في تعامل حكومة اشتية مع قطاع غزة، أكد عوكل ضرورة امتناعها عن سياسة العقوبات التي تمس حياة المواطنين، والنأي عن السياسة التي انتهجتها حكومة الحمد الله.
وشدد على أن "المطلوب من هذه الحكومة هو العودة للحوار وتنفيذ ما اتُّفق عليه باتفاقيات المصالحة وإنهاء الانقسام، إضافة إلى المساواة في التعامل مع المواطنين في غزة كما الضفة".