الكذب في السياسة في بلادنا مباح. الكذب في السياسة في أميركا وأوروبا محرم. العلة في التحليل والتحريم تكمن في وعي الجمهور، ونزاهة الانتخابات. في البلاد المتخلفة يكذبون لاطمئنانهم إلى الديكتاتورية، وهم لا يجهدون أنفسهم في إقناع الرأي العام. فكيف بالأمر إذا كان الشعب بمعزل عنهم؟! إنهم وحدهم في كذبهم فرحون؟!
من هذا الكذب زعمهم: "أن توقيع حماس على اتفاق تهدئة، هو مقدمة لتمرير صفقة القرن، وأن حماس لا تدرك الأولويات، وتذهب باتجاه عمل تفاهمات مع الاحتلال على حساب شعبنا، وبشكل يخدم صفقة القرن". (إمضاء العالول).
إن كان هذا الكلام صوابا، فدل الشعب على الأولويات، وعلى الحلّ؟! إن من أولويات حماس مقاومة العدو، وفي الوقت نفسه تخفيف العبء عن السكان في غزة؟! فهل المقاومة من أولويات الشعب؟! وهل تخفيف عبء الحياة عن الشعب من الألويات؟! إن كان ذلك، كذلك، فلماذا تعاقبون غزة، وتمنعون المال عن موظفيها؟! ما هي أولوياتكم في مواجهة صفقة القرن؟! هل هو التنسيق الأمني، أم معاقبة حماس ومناكفتها؟! إذا كان دخول أموال قطر لغزة خيانة، فهل ما يدخل إلى رام الله وطنية؟!
يقول نائب حركة فتح "لماذا نبحث عن تهدئة؟ هل نبحث عنها؟ كي نزيد عدد الأميال البحرية المسموح الصيد بها، أو لزيادة قيمة الأموال التي تدخل لغزة؟ وماذا بشأن الموضوع السياسي والاستقلال والحرية؟".
نعم غزة تبحث عن تهدئة للأسباب التي ذكرتها، لكي تعيش بالحدّ الأدنى من أسباب المعيشة بعد أن تنكرت السلطة لواجباتها، وفرضت على غزة عقوبات مجرمة. وسؤال بسؤال: لماذا تنسقون أمنيا مع الاحتلال؟! هل للحصول على المال، أم لأسباب سياسية هي الاستقلال والحرية؟!
إن الموضوع السياسي ليس جزءا من التهدئة، لأن التهدئة ليست أداة سياسية للوصول إلى الاستقلال والحرية. والتنسيق الأمني كذلك ليس أداة سياسية للوصول إلى الاستقلال والحرية؟! التهدئة لا تتجاوز استراحة مقاتل لتخفيف العبء عن الشعب، أما التنسيق الأمني خاصتكم فهو أداة لهدم الشعب، وهدم مقاومته، لذا ننصح بتحري الصدق، ووزن الكلام، فالشعب في فلسطين أوعى من قادته؟!
من تنسقون معه أمنيا ربما يعلن عن ضم أجزاء من الضفة قريبا، كما ذكر في دعايته الانتخابية. فماذا أنتم فاعلون لمواجهته؟! وإذا كانت أميركا ستعلن عن دولة فلسطينية في غزة كما تزعمون، فلماذا يضعون حماس على قائمة الإرهاب، ويتركونكم؟!
من يصدق مع نفسه، يصدق مع شعبه، والعكس بالعكس، فكونوا صادقين مع الشعب، ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها أنكاثا، فلا تصلون يوما لغايتكم. ولو صدقتم شعبكم، واحترمتم عقله ووعيه لما انفض عنكم، واستخف بتصريحاتكم. إن شعب فلسطين يأخذ عليكم الكذب، ولكنه يأخذ عليكم أنكم منذ نصف قرن من قيادتكم له لم تحققوا له شيئا يفتخر به. حملكم على كتفيه، وأمدكم بأمواله الخاصة، فخذلتموه، وفاوضتم باسمه كرها، وأنتم له منكرون، وما زلتم في الطريق الخطأ، تناكفون حماس، وتتركون نتنياهو، والفاسدين. تجهلون الأولويات، وترجمون الناس بما تجهلونه؟!