فلسطين أون لاين

باسل الأعرج استشهد لاحقًا في اشتباك مع الاحتلال

السلطة.. عندما سجنت وعذّبت "المثقف المشتبك"

...
صورة أرشيفية
رام الله المحتلة-غزة/ خضر عبد العال:

"إذا بدّك تصير مثقف، لازم تشتبك، إذا ما بدّك تشتبك، لا منك ولا من ثقافتك"، هذه إحدى أشهر العبارات التي رسخّها الشهيد باسل الأعرج في عقول الفلسطينيين خلال اللقاءات الثقافية التي كان يعقدها.

كان حاضرو هذه اللقاءات الثقافية الأوفياء لصديقهم الشهيد، فكما رسّخ في عقولهم ثقافة المقاومة والكفاح في وجه الاحتلال الإسرائيلي وصولًا لدحره عن أرض فلسطين، نشروا الفكر المقاوم الذي انتهجه باسل في حياته قولًا وفعلًا، وجمعوا مقالات وكتاباته في كتاب عنوانه "وجدت أجوبتي".

الأعرج الذي استشهد عندما كان يبلغ من عمره 33 عاما، ينحدر من قرية الولجة قضاء بيت لحم جنوب الضفة الغربية المحتلة، ودرس الصيدلة في جمهورية مصر العربية، ثم عاد لفلسطين وعمل مداوياً للمرضى، واهتم بالتاريخ والفلسفة، وعقد العديد من المبادرات الوطنية والفكرية.

تنقل "المثقف المشتبك" كما أطلق عليه النشطاء الفلسطينيون بين مواجهات الفكر المضادة لروايات الاحتلال التهويدية ومواجهات الاحتجاج والحجارة في شوارع وقرى الضفة المحتلة.

"ما عرفه أحدٌ إلا أحبه، الله يرضى عليه" تقول والدته أم السعيد الأعرج عن ابنها خلال اتصال هاتفي مع صحيفة "فلسطين"، إلا أن ذلك لم يشفع له عند أجهزة أمن السلطة في رام الله التي لاحقته واعتقلته وسامته سوء العذاب.

وفي الثامن من أبريل/نيسان 2016، اعتقلت السلطة الأعرج ورفاقه الخمسة، ثم أعلنت -آنذاك- عن اختفائهم 10 أيام، ثم جرى تمديد توقيفهم في محكمة رام الله 15 يومًا لما أسمته "تهمة الانتماء لعصابات ومليشيا مسلحة، والإخلال بأمن الدولة" حسبما يوضح محامي القضية مهند كراجة.

ويقول كراجة لصحيفة "فلسطين": "رفضت محكمة رام الله حينها طلبات إخلاء سبيلهم، وحولتهم لسجن أريحا، وهناك تم تمديد توقيفهم لـ 45 يومًا، ثم نقلوا لسجن بيتونيا برام الله وتم تمديد اعتقالهم لـ 45 يومًا أخرى".

ويوضح أن الأعرج ورفاقه بعد تكرار تمديد الاعتقال، خاضوا إضرابًا مفتوحًا عن الطعام، وعلى إثره، حُول ملفهم لمحكمة صلح رام الله وشطبت التهم الموجهة إليهم واختصرت بحيازة سلاح دون ترخيص، وأفرج عنهم في الثامن من سبتمبر/ أيلول 2016، فيما أعلن الاحتلال أنهم مطلوبون له.

"سجنوه وشبحوه وعذبوه"

وبالرجوع لوالدة الشهيد، أم السعيد فهي تروى جزءًا مما تعرّض له نجلها داخل سجون السلطة: "تعاونوا (تقصد أجهزة أمن السلطة) على ظلم باسل، وسجنوه وشبحوه وعذبوه، قلبه توقف عن النبض ثلاث مرات داخل سجون السلطة ".

وتضيف: "لما خرج من سجن بيتونيا قبل عيد الأضحى، قال لي احتسبي كل شيء حدث لي عند الله ، أنا عمري ما ظلمت حد، الواحد لازم يعيش شريف ويموت شريف".

كذلك يقول شقيقه الأكبر سعيد: "أول 12 يوما من اعتقاله في سجن أريحا تعرض لأقسى أنواع التعذيب والشبح، ونقل الى المشفى لتدهور حالته الصحية جراء التعذيب المستمر".

ويفيد بأنه خلال فترة اعتقاله التي تقدر بنحو ستة أشهر داخل سجون السلطة، لم تسمح الأخيرة لذويه بالزيارة سوى ساعات معدودة، ومنع خلالها الشهيد باسل من الحديث عن تعذيبه، ليكتفي أهله بالاطمئنان عليه بالرؤية فقط.

وعن آخر موقف جمعه بشقيقه الشهيد، يقول الأعرج: "المرة الأخيرة التقينا به يوم الإفراج عنه في سجون السلطة، حينها قال لوالدتي اسبقيني إلى الدار وأنا ألحقك وجهزي لي مقلوبة"، مردفا: "ندرك أنه قال لها ذلك كي يطمئنها بعودته، ولكن منذ ذاك اليوم لم نره ولم نستطع أن نتحدث إليه".

وبعد الإفراج عنهم، ظل باسل متواريًا عن الأنظار ويحمل بين يديه رشاشه الذي اشتراه كي ينفذ به عملية فدائية، ويحمل على كتفه حقيبة بداخلها كتبه التي عشق مطالعتها باستمرار، فيما اعتقل الاحتلال رفاقه الخمسة تواليًا.

وكانت قوات الاحتلال تقتحم بشكل شبه يومي منزل الأعرج لمحاولة اعتقاله دون جدوى، فيما أكدت عائلته انقطاع جميع الأخبار عنه منذ إطلاق سراحه من سجون السلطة.

وفي فجر السادس من مارس/آذار 2017 ارتقى "المقاوم الثائر" باسل الأعرج باقتحام منزل كان يتحصن به في مخيم قدورة في رام الله، بعد أن رفض الاستسلام، وخاض اشتباكا مسلحا مباشرا مع قوات الاحتلال استمر ساعتين، حتى آخر طلقة لديه.