لم تتوقع عائلة الشاب محمود الحملاوي (32 عامًا) التي تقطن في مخيم البريج وسط قطاع غزة أن يرجع ابنها الذي توجه إلى رام الله المحتلة لغرض العمل، محمولًا داخل تابوت، بعد وفاته نتيجة تعذيبه على يد جهاز الأمن الوقائي التابع للسلطة هناك؛ حسبما تؤكد العائلة.
ويقول عماد الحملاوي شقيق الشاب محمود نقلًا عن جيران الأخير في السكن: "إن عنصرين من جهاز الأمن الوقائي اقتحما سكن أخي محمود الكائن في بيتونيا برام الله في 14 آذار (مارس) الماضي، برفقة ثلاثة أشخاص آخرين يرتدون لباسًا مدنيًّا، ويستقلون سيارة مدنية".
ويؤكد الحملاوي لصحيفة "فلسطين" أن شقيقه كان في حالة صحية جيدة قبل اعتقاله، لكنه في أثناء اعتقاله ضرب ضربًا شديدًا على رأسه وصدره، موضحًا أن "تقرير الطبيب الشرعي أفاد بوجود كميات من الدماء المتخثرة على رئة محمود بحجم لترين تقريبًا".
تفاصيل اختطافه
ويلفت إلى اقتحام منزل محمود في أثناء نومه، وضربه ضربًا مبرحًا بالهراوات الحديدية في جميع أنحاء جسده، وتحديدًا منطقة الرأس.
ويفيد أن العائلة تملك شهادات من جيران محمود، عن حجم تعذيبه على يد عناصر الوقائي، وأن إفادات أخرى ستصدر تشير إلى تعذيبه داخل السجن.
ويشير الحملاوي إلى أنه اتصل بأخيه محمود خلال سجنه، فأخبره أنه وضعه الصحي صعب جدًّا ويتقيأ دمًا، ورفضت إدارة السجن عرضه على الطبيب.
ويضيف: "آخر جملة قالها شقيقي لي في الاتصال الأخير: "الحقني أنا بموت"، كنت أظن أنه يبالغ في ذلك، لكن فيما بعد أدركت أنها كانت لحظته الأخيرة بفعل التعذيب العنيف الذي تلقاه".
ويبين الحملاوي أن مواطنين عثروا على شقيقه في حي بطن الهوى بمدينة رام الله مغشيًا عليه في حالة صحية متدهورة، ثم تسلمه جهاز المباحث العامة، وبتاريخ 18 آذار (مارس) الماضي نقل إلى سجن بيتونيا، وكان يعاني استفراغًا مستمرًّا، وضيقًا في التنفس، وألمًا شديدًا في رأسه، وسط تجاهل أجهزة السلطة حالته، وبقيت على احتجازه دون إرساله إلى مستشفى لمعاينة وضعه الصحي حتى يوم وفاته.
ويتابع الحملاوي: "تواصلنا مع مؤسسات حقوق الإنسان، ولم تكشف السلطة عن ملابسات هذه الجريمة، والسلطة تتجاهل ملف التحقيق للكشف عن مرتكبيها".
بدورها أصدرت عائلة الشاب بيانًا طالبت فيه بالكشف عن ملابسات وفاة ابنها، متهمة أجهزة أمن السلطة في الضفة الغربية المحتلة بالمماطلة والتسويف في التحقيق في هذه الجريمة.
من جهته يقول أحمد الحملاوي عم المتوفى: "منذ اليوم الأول للجريمة سجلت رقمي لدى أجهزة أمن السلطة والنيابة العامة، على أساس التواصل معي، وحتى الآن لم يتواصل معي أحد من هذه الجهات".
ويؤكد الحملاوي لصحيفة "فلسطين" أنه تواصل مع النيابة العامة في رام الله، التي كان ردها أن التحقيق ما زال قيد الإجراء.
ويضيف: "هم يريدون موت القضية وعدم انتشارها عبر وسائل الإعلام؛ لأن المجني عليه من قطاع غزة، أما لو حدث هذا الأمر مع عائلة من عوائل رام الله لقامت الدنيا ولم تقعد"؛ على حد تعبيره.
وتطالب عائلة الحملاوي النيابة العامة في رام الله بإطلاعها على مجريات التحقيق، مستنكرةً عدم تواصل النيابة مع العائلة.
وكانت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا حملت السلطة الفلسطينية مسؤولية وفاة الحملاوي داخل قسم شرطة بيتونيا، متأثرًا بجراحه التي أصيب بها نتيجة تعذيبه تعذيبًا شديدًا على أيدي خمسة أشخاص، منهم عناصر ينتمون إلى جهاز الأمن الوقائي التابع للسلطة.
وأوضحت المنظمة أن الحملاوي اختطفه في 14 آذار (مارس) 2019م من داخل منزله خمسة أشخاص، منهم عناصر من "الوقائي"، اقتادوه إلى منطقة مجهولة، ثم عذبوه أربعة أيام قبل إلقائه مغشيًّا عليه أمام مركز شرطة بيتونيا، الذي لم يقدم له أي إسعافات، وحرر محضرًا باحتجازه، وامتنع عن نقله إلى المستشفى رغم تدهور حالته الصحية، حتى وافته المنية داخل المركز.
وعدت المنظمة تعامل إدارة قسم شرطة بيتونيا مع محمود الحملاوي جريمة قتل عمد مع سبق الإصرار، إذ امتنعت عن إسعافه، أو نقله إلى جهة تتمكن من إسعافه عاجلًا حتى لحظة وفاته.
وطالبت المنظمة السلطة بفتح تحقيق عاجل وشفاف فيما حدث للحملاوي من "اختطاف وتعذيب وإهمال طبي أفضيا إلى الموت"، والوقوف على ملابسات الواقعة، ومحاكمة الأطراف المشتركة فيها كافة وفقًا للقانون.