مجتمع يميني لا يقبل التغيير. هذه هي (إسرائيل). وهذا ما قالته انتخابات الكنيست الأخيرة أول من أمس الثلاثاء. المجتمع قال: لماذا التغيير إن كان نتنياهو والليكود يحققان مصالحنا ونحن مطمئنون؟!. ما الذي يمكن لغانتس وحزب المركز أن يحققاه أفضل؟! لا شيء. إذًا نحن نصوت للقديم لأننا نعرفه، ولا حاجة لنا بالمغامرة بالتغيير الذي لا نعرفه جيدا.
هذا النوع من المجتمعات لا يمكن كسر ثقافته العنصرية والدينية من خلال مفاهيم يسارية لا تملك بديلا راجح الفائدة. ثلاثة رؤساء أركان ( غانتس، ويعالون، لبيد) فشلوا أمام القديم، وتفوق عليهم نتنياهو للأسباب الآتية، حيث تمكن من جمع غالبية الناخبين عليها، وهي:
" لا لحل الدولتين، ولا لحدود 1967م، ونعم لضم القدس، ونعم لضم الجولان، ونعم غدا لضم الضفة، ونعم لتأبيد الانقسام، ولا مانع من التهدئة، ونعم لدول الخليج، ولا لإيران" . وفي ظني أن خطوة أميركا بشأن القدس، ثم الجولان، إضافة إلى تصريحات قرقاش، وابن علوي، قد صبت أوراقا جديدة قوية لمصلحة نتنياهو.
نجاح نتنياهو، وفشل غانتس لا يضراننا ولا ينفعاننا نحن الفلسطينيين، ومعركتهم الحزبية تُجرى عادة على دمائنا، ومن ثمة لا نفاضل بين مجرم أبيض أزرق، ومجرم أسود أغبر، فالكلاب واحدة في عالم السباع، كلها تأكل لحوم البشر وتلعق دماء الأغيار؟!
نعم، سيواصل نتنياهو مجافاة عباس، ومعاداة حماس، وسيواصل الحصار على غزة، وانتقاص أموال فلسطين، وربما تسبب بمرض عباس وحكومة اشتية بعد مراهنتهما على فوز غانتس، وربما أعاد برنامج الاغتيالات في غزة، ومنع الأموال القطرية، إذا ما وافق على شروط ليبرمان للانضمام إلى الحكومة.
ما الذي ستفعله السلطة تجاه تزايد قوة نتنياهو واليمين؟! وما الذي يمكن أن تفعله حماس أيضا؟! وهل من وصفة وطنية أو دينية يمكن بها رقي الطرفين، وجمعهما على مواجهة انزلاق الضفة نحو القدس والجولان في حفلة الضم بالتأييد الأميركي؟! هل سيبقى الطرفان يرقبان الضياع بلسان المناكفات، ونبذ الشراكة والاتفاق؟! وهل سيتراجع نتنياهو عن التهدئة مع غزة؟! أم سيستمر نتنياهو فيها لفترة تشكيل الحكومة فقط؟! علينا أن نتجاوز العدو ومكره، وننظر إلى أنفسنا حتى تنجح الرقية الوطنية الشرعية في شفائنا.