يبدو أن السلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس لم تكتفِ بالانقسام مع حركة "حماس"، بل ذهبت إلى إحداث شرخ جديد في اليسار الفلسطيني، مستخدمة أعضاءه الذين تبنى عدد منهم مواقف مخالفة لسياسة الأحزاب المعلنة، وخاصة في مسألة تشكيل الحكومة الانفصالية.
ووظفت السلطة في الأيام الماضية تصريحات الأمين العام لحزب الشعب بسام الصالحي، الذي شن هجومًا على الجبهتين الشعبية والديمقراطية، لمواقفهما الثابتة من عدم المشاركة في حكومة محمد اشتية، على خلاف حزبه، بعد إغراءات قدمتها مؤسسة الرئاسة له.
وقال الصالحي إن الجبهتين باتتا مقربتين من حركة "حماس" في أكثر من موقف، خاصة في قضايا التفاهمات الأخيرة حول توفير الاحتياجات الإنسانية لسكان قطاع غزة المحاصر.
وكانت "فلسطين" علمت أخيراً، أن أعضاء المكتب السياسي لحزب الشعب رفضوا المشاركة في حكومة اشتية، ولكن الصالحي التف عليهم بالذهاب إلى أعضاء اللجنة المركزية للحزب، واتخذ قرار المشاركة باستفتاء عرضه على الأعضاء.
القيادي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بدران جابر، رفض هجوم الصالحي، واصفا الاتهامات التي ساقها بأنها غير صحيحة.
وشدد في حديث لصحيفة "فلسطين" على أن الجبهة لديها مواقف ومبادئ ثابتة وتصب في مصلحة الشعب الفلسطيني، وقال: "الجبهة الشعبية لا تقف مع حزب أو فصيل على حساب فصيل آخر، لنا مواقف وطنية، ونرفض مبدأ من ليس معي فهو ضدي، وتصدر مواقفها وفقًا للمصلحة الفلسطينية العليا، بعيداً عن الأيديولوجيا المشتركة".
وأضاف جابر: "الجبهة الشعبية تعمل على إرضاء الشعب الفلسطيني من خلال مواقفها واتجاهاتها، ولا تعمل على إرضاء أشخاص، وتقف مع المصلحة الفلسطينية، وترفض الدخول في سوق التجاذبات".
وبين أن الجبهة الشعبية تعرضت لضغوطات من أجل الدخول في حكومة محمد اشتية، ولكنها أصدرت موقفها الرافض للمشاركة، كونها لا تبحث عن منفعة، وموقفها واضح من هذه المشاركة.
ودعا القيادي في الشعبية الصالحي إلى الالتزام بالموضوعية بمواقفه بعيدًا عن أحلام اليقظة، وإسقاط الذات على الآخرين.
في حين أرجع عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية طلال أبو ظريفة هجوم الصالحي إلى موقف الجبهة من حكومة اشتية.
وقال أبو ظريفة لـ"فلسطين": "انتقادات الصالحي مرفوضة، وقوله إن الديمقراطية تتماهى مع حركة حماس في المواقف السياسية مستغرب، لأننا لسنا أعداء لحركة حماس، ونحن نتقاطع معها في العديد من المواقف، وشركاء في الدفاع عن الوطن".
وأضاف: "موقفنا من عدم المشاركة في حكومة اشتية واضح، وعبرنا عن ذلك في أكثر من مرة، والاتهامات التي ساقها الصالحي ضدنا لا تفيد، كون التباين في المواقف السياسية لا يعد تهمة".
وبين أبو ظريفة أن الديمقراطية تريد وحدة وطنية لمرحلة انتقالية، تشرف على انتخابات شاملة رئاسية وتشريعية، وتعيد بناء المؤسسة الوطنية وتنهي حالة الانقسام، والتفرد، والانفراد.
يشار إلى أن حكومة اشتية لاقت رفضاً شعبياً وفصائليا فلسطينيا، وتسببت مساعي السلطة لسحب فصائل اليسار إلى مربعها في خلافات داخلية داخل بعضها.
وأبرز تلك الاستقالات كان لعضو المكتب السياسي لحزب الشعب وليد العوض، الذي أعلن عن قراره عبر حسابه الشخصي على موقع "فيسبوك"، والأمينة العامة لحزب "فدا" زهيرة كمال، إضافة إلى نائبيها خالد الخطيب، وسهام البرغوثي، وأعضاء من المكتب السياسي.