تحوّل منزل رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية، حماس، إسماعيل هنية، أمس، إلى مكان يحتضن "فرحة العمر" للعروس شيماء الحويطي التي زفت إلى عريسها انطلاقا منه، بعدما دمر الاحتلال الإسرائيلي بيت عائلتها في العدوان الأخير على قطاع غزة.
وتبدّل حزن الحويطي بتدمير منزلها إلى فرح بإتمام زواجها، وقد زفها هنية إلى عريسها بحضور لفيف من المهنئين.
وتوسطت "كوشة الفرح" قاعة مخصصة لهذه المراسم في منزل هنية غرب غزة، وعلت أصوات الزغاريد والأناشيد التي تؤكد التمسك بفلسطين وحتمية العودة إلى كل أراضيها المحتلة.
"من وين بدي أطلعها؟ من الشارع؟ حسبنا المولى ونعم الوكيل"؛ كانت هذه الصرخة التي أطلقتها عايدة الحويطي والدة العروس من على أنقاض منزلها الذي قصفته قوات الاحتلال الإسرائيلي الشهر الماضي، ما أدى إلى فقدانها كل مستلزمات الفرح.
وهبّ الفلسطينيون في الداخل والخارج، كلٌّ بما يستطيع، لمساعدة الحويطي التي كانت ملامح وجهها تنطق ألما على ما آل إليه حالها، بينما كانت تترقب موعد زفاف ابنتها شيماء.
وبدا هنية كأبٍ لهذه الفتاة التي أراد الاحتلال بقصف منزلها أن يفقدها الأمل بحياة كريمة.
وهذا التلاحم الذي أبداه الفلسطينيون انعكس على شعور "أم العروس" التي شكرت هنية على استقباله إياها وابنتها.
وكادت عيناها تنطق فرحا بينما كان الحضور ينشغلون بمشاركة ابنتها هذه المناسبة السعيدة، قائلة: "مبسوطة كتير، رغم إنه الاحتلال هدم بيتنا وضيع الفرحة من الأول للبنت وخرب عفشها وأغراضها بس الحمد لله, أهل الخير دخلوا الفرحة على بيتنا".
ورغم انشغالها بزفاف ابنتها لعريسها، لم تنس "عايدة" تأكيد حتمية زوال الاحتلال من أرض فلسطين وأن الشعب الفلسطيني صامد حتى يستردها بما في ذلك مدينة القدس المحتلة والأراضي المحتلة منذ سنة 1948، مطالبة هذا الاحتلال بالرحيل.
وتمنت من الأمة العربية الاتحاد وأن تكون يدا واحدة لمساندة الشعب الفلسطيني حتى حصوله على حقه في الحرية كباقي شعوب العالم.
واستبقت العروس مراسم زفافها برفع شارة النصر على أنقاض منزلها المدمر، الذي رفرف فوقه علم فلسطين.
"رسالة حياة"
أما هنية أكد لدى مشاركته عائلة العروس فرحتها، أن الاحتلال الإسرائيلي الذي يشن العدوان على غزة ويقصف بيوتها وأهلها يريد أن ينشر الحزن والألم والوجع، لكن الشعب الفلسطيني يثبت كل مرة أنه قادر على الحياة، مضيفا: هذه رسالة حياة في وجه الموت الذي يريد أن ينشره الاحتلال.
وقال هنية: بيوتنا مفتوحة للجميع، كلنا عائلة واحدة ما يصيب أحدها يصيب الجميع، وعندما يكون هناك بيت مدمر بهذه الطريقة وعروس تفقد جهازها وأثاثها وذهبها ومقدراتها لا بد أن نهب جميعا لنعطي رسالة أبوة وتراحم وتكافل.
وأمام حشد من الصحفيين الذين حضروا لتوثيق هذه اللحظة الفارقة في حياة العروس "الحويطي"، عبر عن تقديره للتعاطف الذي أبداه الفلسطينيون عبر مواقع التواصل الاجتماعي مع العروس ووالدتها التي وجهت صرخة استغاثة من فوق ركام منزلها.
وبين هنية أن الشعب الفلسطيني يد واحدة، لافتا إلى أن الاحتلال قصف منزل "الحويطي" ثم قصف مقر رئيس المكتب السياسي لحماس.
وأضاف أن الفلسطينيين شركاء في مواجهة الاستهداف الإسرائيلي وأيضًا شركاء في صناعة الفرحة والبسمة.
وتجسيدا لهذا التكافل، كانت خبيرة التجميل فدوى اللولو واحدة ممن ساندوا العروس الحويطي ووالدتها، لتوجه رسالة مفادها "أننا رغم الحصار والقصف نصنع الفرح وأننا شعب واحد"، كما قالت لصحيفة "فلسطين".
وحرصت اللولو على مشاركة العروس مناسبة "فرحة عمرها" حتى آخر لحظة، قائلة: أعد أن ما قدمته لا شيء أمام ما تعرضت له عائلتها.
وتممت: نحن شعب واحد، يجب أن نقف إلى جانب بعضنا البعض، وكلٌّ منا من خلال عمله يرسخ هذه الوحدة.
وبمباركة شعبية واسعة، استردت العروس الحويطي في منزل رئيس المكتب السياسي لحماس "فرحة عمرها"، التي حاول الاحتلال سلبها بقصفه منزلها.