فلسطين أون لاين

التفاهمات والمزاودات اللئيمة

التفاهمات التي تم التوصل إليها بين الفلسطينيين والاحتلال بوساطة مصرية، خضعت للتنفيذ والاختبار والمتابعة من قبل اللجنة التنسيقية العليا لمسيرات العودة وكسر الحصار، وغرفة العمليات المشتركة، وبدأ خلال الأيام الماضية تنفيذ جزء منها، تحت بند التدرج في التنفيذ وصولًا الى تنفيذها جميعًا وفق جدول زمني يتم التفاهم عليه، لكن هنا يحضرنا العديد من القضايا التي تغيب في ذروة الحديث عنها أو تناولها بين حريص يسجل للاحتلال أنفاسه ويضع نصب عينيه إخراج الأوضاع في قطاع غزة من تحت سيف الحصار، وتجنيد ما يستطيع من علاقات لصالح إنجاح مسيرات العودة لتحقيق أهدافها، ويكاد يجمع عليها الفصائل الفلسطينية، لكن هناك القليل الذي يتبرص بها الدوائر لا هدف له سوى المناكفة والانتقاص والضرب من تحت الحزام، لمصالح حزبية شخصية ضيقة، وسرعان ما يثور هائجًا اذا ما تم اقصاؤه عن وزارة او هيئة، ومنهم لا مع هؤلاء ولا مع هؤلاء، لكن حيثما دارت رحى المصالح والامتيازات التي يحصل عليها دار.

الحديث عن التفاهمات ومحاولة إخراجها عن سياقها الطبيعي باعتبارها إنسانية في المقام الأول ولا تحمل أي بعد سياسي، بدليل أن طبيعة تطبيقها تدل عليها، فالصياد المحاصر في البحر منذ سنوات طويلة سيجد له متنفسا للحصول على رزقه، ضمن ما يقارب 5000 اسرة فلسطينية تجد مخرجا للوضع الإنساني الكارثي بغزة، والى جانبه الخريج الجامعي المتعثر الذي سيجد فرصة للتشغيل لو مؤقتة لتحسين وضعه الاقتصادي، او على الأقل اسناد اسرته، ومنهم الاسرة المعوزة التي تفتقد مقومات الحياة، وتحتاج مساعدة أو مساهمة مالية او عينية تعينها على ظروف الحياة، والامر لا يبعد عن التاجر الذي سيجد فرصة لانعاش تجارته او استعادة عافيته بعد سنوات من الحصار.

والامر ذاته سينعكس على كافة مرافق الحياة بقطاع غزة بحل مشكلة الكهرباء، وقد بدأت الخطوات الفعلية بذلك، والتنقل للسفر عبر المعابر وقد شهدنا تحسنا كبيرا جدًا على معبر رفح نتيجة تفهم مصر لواقع قطاع غزة، وتطور العلاقات بين حماس ومصر التي أصبحت مقتنعة بأهمية العلاقة الإيجابية، وكذلك التبادل التجاري الذي كان يطالب به الفلسطينيون منذ سنوات، يضاف لذلكالقدرة على الاستيراد والتصدير، الى جانب إعادة ترميم البنية التحتية في مشاريع الكهرباء والمياه والطرقات وتحلية المياه، ومعالجة مشكلة الصرف الصحي، وبذلك يكون قد أنجز جزء مهم من أهداف مسيرات العودة المرتبط بكسر الحصار.

اللئيم لا يرى في ذلك انجازا لمسيرات العودة، لأنه ببساطة ليس جزءا منها، ولم يكن مشاركا فيها، وأنه رفع شعارات كثيرة حول المقاومة الشعبية والمسيرات الشعبية، لكنه اختفى وتهرب، وولى هارباً عندما شاهدها في قطاع غزة، بل أكثر من ذلك أوقف المقاومة الشعبية في بلعين ونعلين والخان الأحمر، بل يطارد الناشط عيسى عمرو في الخليل بسبب نشاطه الشعبي في مقاومة ومواجهة المستوطنين في الخليل.

اللئيم لا يرى بعين المواطن البسيط الذي ينتظر انفراجة، بينما هو ينعم بمصالح غنمها لسنوات طويلة نتيجة سياسة التبعية والعبودية التي تمارس عليه نتيجة الراتب والامتياز الذي يحصل عليهما، الى جانب انسياقه بلا رؤية ولا منطق خلف من يقود حملة إجراءات عقابية على قطاع غزة منذ عامين، بل يجاهر بأنه يتمنى أن يقطع الهواء عن قطاع غزة.

اللئيم يخرج من رام الله بعد لقاء مطول عبر تلفزيون فلسطين يسب ويشتم ويحرض، ويصعد لسيارته الفارهة، ويصل الى مطار "بن غريون" ويذهب لقضاء أسبوع في لندن، برفقة زوجته وأبنائه، وبعد الأسبوع يعود ليشارك في جولة مع الرئيس في الخارج ويرافقه ابن الرئيس في زيارة سياسية رسمية يتم فيها الحصول على وكالات تجارية لشركاته وشركات أبناء الرئيس، وبعدها يعود مجدداً الى لقاء جديد عبر تلفزيون فلسطين يهدد ويتوعد بأن التفاهمات التي تحدث هي لفصل قطاع غزة عن الضفة الغربية، ولم يخطر على بال أحدهم أن يسأله ما هي التفاهمات التي ستفصل قطاع غزة عن الضفة؟ أليست العقوبات التي تفرض على غزة، والتنسيق الأمني الذي حول الضفة الى محمية أمنية للاحتلال؟ لولا نفر مثل عمر أبو ليلى يخرجون من تحت سيف التنسيق الأمني، بينما غزة تجبر الاحتلال على التفاهمات ومخازن الصواريخ موجودة، وسلاحها على الطاولة، ومسيرات العودة حاضرة ومستمرة ومتواصلة.