كثيرة هي الأمثال الشعبية التي تطرح من أجل التوجيه والإرشاد، كالمثل الوارد عن الشراكة "الشركة تركة"، وهي تعرض في سياق ذم الشراكة في العمل بين الأقارب والأصدقاء، خاصة إذا كان الشخص يريد الحفاظ على علاقته القوية مع صديقه، ولا يود إفساد طبيعة العلاقات الاجتماعية فيما بينهما، ومع ذلك فإنه لا يمكن تعميم المثل، فبعض العلاقات يوجد لديها متسع للشراكة في أجواء تسودها المحبة والمودة.
الشاب حازم عابد قال: "لا أرى الشراكة في العمل والتجارة إلا كالزواج، فكلاهما يبدأ بشيء من الحماس والتطلعات العالية بتحقيق نتائج وأرباح، ولكن في أغلب الأحيان ينتهي بإجراءات قانونية من أجل فض الشراكة وإنهاء المشروع، وليس بعيدًا قطع العلاقة التي كانت قائمة قبل بدء المشروع".
وأوضح عابد لـ"فلسطين"، أن أسوأ شيء يمكن أن يُقدم عليه هو التفكير بمشروع الشراكة مع صديق عزيز على قلبه، لأنه يعتقد أن ذلك يعد حكما على العلاقة بالفشل.
ويفضل هذا الشاب البدء بمشروع صغير مستقل أفضل.
ويرى الشاب الثلاثيني عبد الرحمن سالم أن اللجوء إلى الشراكة في المشاريع التجارية لا يأتي من فراغ، وإنما بسبب الظروف المادية الصعبة التي لا تسمح بإدارة المشروع بانفراد، ما دفعه للدخول في الشراكة مع صديق له.
وأشار سالم لـ"فلسطين"، إلى أنه رغم المناصفة في رأس المال والجهد، فإنه بعد فترة قد تظهر مشاكل في العمل تؤثر في طبيعة العلاقة، معتقدًا أن مشاركته أولى من الغريب، والأهم أن الثقة موجودة.
تقاسم للأعباء
عبير مصلح (32 عامًا) تعد أن للشراكة في العمل أو الانفراد إيجابيات وسلبيات، وتتوقع أن إيجابياتها أكثر من سلبياتها، خاصة أن الشريك يساعد في بداية ناجحة للمشروع، ويسمح بتقاسم الأعباء والمهام، إلى جانب أنه يمكن الجمع بين مهارات مختلفة.
وقالت مصلح لـ"فلسطين": "لضمان سير المشروع التجاري المشترك لا بد من تحديد مهام كل شخص بدقة، بحيث لا يتدخل أحدهما في مهام الآخر، وبالتالي يُتقاسم المجهود والمسؤولية".
وعدَّ الاختصاصي النفسي ومدرب التنمية البشرية زهير ملاخة، أن الشراكة في عمل معين أمر جيد إذا اقتضى صاحب الفكرة ذلك، من حيث الحاجة لرأس المال، والخبرة والمهارات والعلاقات اللازمة لسوق العمل.
وحتى يكون الأمر إيجابيًا لا بد من حسن الاختيار، وفي الوقت ذاته إلزام النفس بواجباتها تجاه الشركة، ضمن أخلاقيات الشراكة، بالإضافة إلى الأمانة والاحترام والعمل لإثراء وإنجاح الشراكة وتقبل الأفكار واستغلال الطاقات والموارد كلها، والحفاظ على الجانب الديني وإحياء الضمير في نسج الشراكة بما يساعد في ديمومتها، حسبما قال ملاخة لـ"فلسطين".
إيجابيات وسلبيات
وأوضح ملاخة أن من إيجابيات الشراكة استغلال وتكامل الطاقات وتنوع الأفكار، وتكامل المهارات التي يحملها كل شخص والأدوار وتوزيع المهام والقيام بأدوار مكملة، واستغلال العلاقات، والتعامل مع سوق العمل لإنجاح الفكرة وترويجها وتطويرها.
وعن السلبيات التي يقع بها بعض أصحاب العمل المشترك، بين ملاخة أنها قد تكون بسبب صفات وأطباع أصحاب العمل التي تظهر فتفسد الود بين الشركاء، فمثلًا التفكير السلبي يُظهر لأحدهما أن جهده وعطاءه أكثر من الآخر، أو بسبب محدودية علاقات أحد الشركاء يجعل دوره محدود فيلجأ الآخر للتفرد بالعمل.
ولفت إلى أن الاختلاف المالي يكون السبب في نشوء الخلافات، إلى جانب اختلاف القيم والرؤى والأفكار التي تُنشئ حالة صدام، وديكتاتورية البعض ورؤيته بأنه يجب التسليم دومًا بفكرته بعيدًا عن المشاورة وحسن الحوار، وكأنه يريد من الآخر الطاعة فقط، والتفرد بالقرار.
وتابع ملاخة: "أحيانًا تحميل الآخر الأخطاء وسبب الإخفاقات، وقد تكون الأخلاقيات والسمعة وسيرة الشركاء أيضًا سببًا في نزاع وفض الشراكة".
ولتجنب الخلافات نبه الاختصاصي النفسي ومدرب التنمية البشرية، إلى ضرورة حسن الاختيار في البداية، وتجنب حتمية الشراكة مع الأصدقاء أو الأقارب، وأن تكون قائمة على القدرة والكفاءة وتوفر عوامل النجاح كالمال والعلاقات والقدرة على العطاء والمهارات وأخلاقيات وسمعة الأطراف ضرورية، فذلك أمر مهم لنجاح واستمرار العمل واستكمال الفكرة، ووضوح أسس الشراكة وفق الأنظمة القانونية دون أي غبن.