"يُقال إنه في قصة أَلِيس في بلاد العجائب، سقطت أَلِيس في جحر أرنب ودخلت نفقًا طويلًا فوجدت نفسها في قاعةٍ كبيرةٍ، فوقفت أمام طريقين واحتارت أيهما تسلك، فإذا بقط أمامها، فسألته: أي الطريقين عليَّ أن أسلك؟ فأجاب القطُّ: إلى أين أنت ذاهبة؟
فقالت: لا أدري! فرد القطُّ: إذًا اسلكي أي الطريقين لا يهم أيهما تختارين، فكلاهما سيأخذك إلى هناك!".
هل يمكنك أن تخرج في رحلة طويلة دون أن تحدد وجهتك مسبقًا قبل أن تنطلق؟ من المؤكد أن الجواب لا، وإلا فإنك لن تدري إلى أين تتوجه وأي السبل تسلك، وإلى أين تصل، وأي الملابس والأدوات تحتاج، وإن لم تحدد وجهتك مسبقًا، فبعد الانطلاق أينما سرت أو أينما وصلت وحتى إن واجهتك عقبات فأبقتك ثابتًا في مكانك دون تقدم يُذكر، فلن يعني ذلك شيئًا بالنسبة لك، لأنك لم تحدد أصلًا مكانًا تريد بلوغه.. فأينما سارت بك الطرق أو ألقت بك الظروف والأيام سيكون سيان بالنسبة لك. إذًا لا بد وأن يكون لك هدف وطموحات تصبو لتحقيقها أنت وأفراد جماعتك.
عندما نزل القرآن على الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وأوكلت إليه مهمة إبلاغ هذا الدين للناس، نذر حياته للرسالة العظيمة، وبدأ مسيرته الطويلة الشاقة التي أراد من ورائها الوصول للهدف العظيم؛ وهو تعبيد العباد لرب العباد. وكان له ذلك، وحتى بعد وفاته لم يتوقف أصحابه ومن دخلوا معه في هذا الدين عن أداء هذه الرسالة للوصول لهذا الهدف العظيم، بل حتى أيامنا هذه يستمر إبلاغ الرسالة.. وسيستمر إلى ما شاء الله.
وهذا تحديدًا ما أود تذكيرك به يا صديقي القائد.. فأهدافك الكبيرة وطموحاتك العالية وسعيك وراء تحقيقها شيءٌ رائع، ولكن أتضمن أن إيمانك بهدفك، وقدرتك على تحقيقه وتغلبك على الصعوبات التي تواجهك، سيكون هو الحال نفسه لدى من تقودهم؟ ففي أغلب الأحيان، وفي معظم الجماعات لا يرى أفراد الجماعة ما يراه القائد بالوضوح نفسه. فأفراد الجماعة يجدون صعوبة في تصور الهدف العظيم، بل ربما يُحبَطون فيفقدون الهمة لتحقيق الهدف. فأفضل القادة هم من يستطيعون تحويل الأحلام والأهداف الكبيرة إلى خطوات عملية صغيرة ناجحة، توصلهم في النهاية -جماعةً وقائدًا- إلى الهدف الكبير. فتشحذ هذه الخطوات والإنجازات الصغيرة هممهم للوصول للهدف دون الشعور بالملل أو الفشل.
تحديد الأهداف مهارة مهمة جدًا لك عزيزي القائد في درب القيادة، فلا بد للقائد أن يمتلك القدرة على وضع أهدافه بوضوح ودقة، وأن يربط تحقيق كل هدف بسقف زمني محدد، كما يجب أن تكون الأهداف قابلة للتحقيق، من خلال كونها واقعية، ومتناسبة مع قدرات الأفراد والجماعة. حتى يتمكن من تحقيق الإنجازات التي أصبح قائدًا من أجل الوصول لها.
فالخطوة الأولى في العملية القيادية هي أن تحدد ما الذى تريد تحقيقه في كل فترة من فترات حياتك الشخصية، ثم من حياتك كقائد، أو على أقل تقدير خلال السنوات القادمة.
الأهداف هي النتائج التي ترغب في الوصول إليها في المستقبل، من خلال مجموعة من الخطوات تتخذها لتساعدك في الحصول على ما تريد.
انتبه، لا بد لك أيها القائد من خطوات تتَّبعها من أجل وضع أهدافٍ تحدد لك الطريق الذي ستسلكه، والخيارات التي ستختارها، وتلك الخطوات هي: