قائمة الموقع

قطع الراتب.. "الإصابة الثانية" للجريح "القرم"

2019-04-03T12:04:09+03:00
الجريح منصور القرم تصوير : محمود أبو حصيرة

يستعين الجريح منصور القرم، مبتور القدم اليمنى وبعض أصابع اليد، بعكازيه اللذين يرافقانه حيثما حل منذ إصابته سنة 2011 للتمكن من التحرك، لكنه لا يعرف ما الذي سيعينه على مواجهة الأعباء التي أثقلت كاهله منذ أن قطعت السلطة راتبه قبل ثلاثة أشهر.

وكأنما كان قطع الراتب هو "الإصابة الثانية" للقرم الذي يقطن في حي الشجاعية شرق مدينة غزة، بعد أن أصيب في نهار رمضان قبل ثماني سنوات بصاروخ أطلقته طائرة استطلاع إسرائيلية مباشرة في شارع محاذٍ لمنزله.

ويعيل القرم (26 عاما) طفليه زينة وتيسير، وزوجته، في المنزل ذاته الذي تعيش فيه عائلته المكونة من والده ووالدته المريضة بالسكر والضغط، وأخته المصابة بالفشل الكلوي، وخمسة إخوة يصغرونه سنا.

ودون جدوى توجه الجريح إلى مسؤولين في حركة فتح بغزة، ولم يتمكن من إعادة راتبه، وقد ترتبت عليه مبالغ مالية حيث وقع "كمبيالات" بقيمتها شيّد سقف شقة فوق منزل العائلة، وهو يتساءل: كيف سأتمكن من سدادها لمستحقها؟

وبالكاد استطاع القرم حبس دموعه في حديث مع صحيفة "فلسطين"، قائلا: راتبي قطع بتقرير كيدي على خلفية سياسية، مبينا أن أحد المسؤولين نهره عندما اتصل به لسؤاله عن سبب عدم عودة راتبه، مضيفا: "لم يعد هناك باب لم أطرقه"، في حين تغلق مؤسسة رعاية أسر الشهداء والجرحى أبوابها بغزة.

ويتابع الجريح: لقد أصبت فداء لوطني فلسطين ولي الشرف في ذلك، متسائلا: ما ذنبي حتى يُقطع راتبي؟

ويعاني الشاب العشريني أيضًا من تضرر في طبلة الأذن، وإصابة بالرأس، عدا عن أنه يصاب أحيانا بتشنج وغيبوبة يستدعيان تلقيه علاجا للإفاقة، وفي بعض الأوقات يعاني من ثقل في اللسان يمنعه عن الحديث لأيام.

ويحتاج القرم علاجا شهريا تصل قيمته إلى 300 شيقل، وتحتاج والدته إلى مبلغ مماثل لعلاجها الدوري.

وللقرم شقيق مصاب أيضًا قطع راتبه، في حين يمارس والده مهنة الحدادة كلما أمكنه ذلك، في ورشة مجاورة للمنزل سعيا لسد رمق الأسرة الممتدة.

ولم يعد بإمكان هذا الغزي ممارسة مهنته ككهربائي سيارات منذ أن أصيب بالصاروخ المذكور.

"حسبي الله"

ويوجه رسالة لرئيس السلطة محمود عباس بقوله: أتمنى أن يحس بنا وبمشاعرنا ويرى وضعنا بغزة وأن يقف إلى جانب الجرحى وليس ضدهم.

ويلفت الرجل إلى أنه ليس الوحيد الذي أدت إصابته برصاص أو صواريخ الاحتلال إلى بتر أطرافه.

من جهته يقول الناشط في شؤون الجرحى ظريف الغرة: إن 1100 جريح في قطاع غزة قطعت رواتبهم منذ ثلاثة أشهر.

ويضيف الجريح الغرة لصحيفة "فلسطين" أن سياسة قطع الرواتب طالت أيضًا 400 أسير و1668 أسرة شهيد.

وتفرض السلطة في رام الله إجراءات عقابية على قطاع غزة منذ مارس/آذار 2017، شملت الخصم من رواتب موظفيها في القطاع بنسب وصلت إلى 70%، ومست قطاعات حيوية أبرزها الصحة والكهرباء.

ويعود القرم بذاكرته إلى الوراء عندما أصيب، مبينا أنه فقد الوعي ومكث في العناية المركزة 10 أيام وكان البعض يعتقد في بداية الأمر أنه استشهد لكنه فاق من الغيبوبة.

ولطالما كان الإحساس يراود القرم بأن إحدى رجليه ستبتر، وعندما استيقظ من الغيبوبة حدّث الممرض بأنه لا يشعر برجله اليمنى، فرد عليه: "لقد سبقتك إلى الجنة".

وما كان منه إلا أن أجاب: "الحمد الله، أنا مستعد لأقدم روحي فداء لفلسطين".

وتحدى القرم إصابته عام 2015 عندما قرر الزواج، وهو الآن يتحدى ظروف الإصابة وقطع الراتب، قائلا: "حسبي الله ونعم الوكيل في من كان السبب بقطع راتبي، ووشى بي بتقرير كيدي".

اخبار ذات صلة