أحداث يوم الأرض، الذكرى التي يحييها الفلسطينيون في 30 مارس/ آذار سنويًّا، عندما قررت سلطات الاحتلال الإسرائيلي مصادرة 21 ألف دونم من أراضي قريتي عرابة وسخنين، ما تسبب في اندلاع مظاهرات حاشدة رفضًا لتنفيذ مشروع تهويد كامل للمنطقة.
الإضرابات مصحوبةً بالمسيرات الشعبية عمَّت مناطق الجليل والمثلث والنقب والمدن الساحلية، واندلعت احتجاجات رفضًا لتهويد الأرض الفلسطينية، ردت قوات الاحتلال بدموية عليها وأطلقت النار عشوائيًّا على المحتجين صبيحة يوم الإضراب.
ستة شهداء ارتقوا آنذاك ليصبحوا أيقونات مجدها تاريخ النضال الفلسطيني ورموز يوم أرضها، هم: خير ياسين (23 عاما) من عرابة البطوف، وخضر خلايلة (30 عاما) وخديجة شواهنة (23 عاما)، ورجا أبو ريا (23 عاما) وهم من سخنين، ومحسن طه (15 عاما) من كفر كنا، ورأفت زهدي (21 عاما) من مخيم نور شمس، الذين يرى ذووهم في يوم الأرض فرصة للحديث عن سيرتهم.
أحمد خلايلة أخ الشهيد خضر خلايلة يعود بذاكرته إلى الوراء، ليروي لصحيفة "فلسطين" تفاصيل يوم استشهاده قائلًا: كنا نجلس برفقة خضر والعائلة داخل المنزل في أثناء حظر التجول، ويغزو آذاننا صوت إطلاق رصاص كثيف، أصابت إحداها جدار المنزل وسخان الماء على السطح.
ويضيف: "سمعنا صوت صراخ امرأة من الشارع فخرجنا مسرعين لنجد معلمة الحي ملقاة، أصيبت برصاصة في بطنها وتنزف بشدة وهي في طريقها للمدرسة، حاول الشهيد خضر مساعدتها وأنا بجانبه".
ويذكر خلايلة أن جنود الاحتلال تقدموا نحوهم وطلبوا أن يتركوا السيدة بدمها، فرفض خضر رغم البنادق المصوبة نحوه، فأطلق جنود الاحتلال النار عليه، وسقط خضر مضرجًا بدمائه بعد أن أصابت الرصاصة رأسه، ارتقى على إثرها شهيدًا.
ويلفَت شقيق الشهيد إلى أن يوم الأرض من كل عام يعد ذكرى خاصة لعائلة الخلايلة وعائلات الشهداء وشعبهم الفلسطيني، يحيونها كل عام، كما أنها يوم وطني للكل الفلسطيني، فهو يوم كسر الفلسطيني حاجز الخوف وإعلانه عدم تخليه عن أي شبر من أرضه.
ويؤكد أنه يقع على عاتق الفلسطينيين واجب ترسيخ هذه المناسبات في نفوس الجيل القادم حتى يتقدموا الصفوف الأمامية في مشروع تحرير فلسطين، برغم الظروف الصعبة التي يعيشها الفلسطيني لكنها أمانة تتحمل مسؤوليتها المؤسسات المحلية والأحزاب والأهالي.
وعقب انتشار خبر استشهاد خلايلة خرج عدد من الشبان رافضين مُتَحدين أمر حظر التجول متجهين نحو وسط المدينة، وهناك اشتبكوا مع قوات الاحتلال، منهم الشهيد رجا أبو ريا.
"جيل التحرير"
جليلة أبو ريا ابنة الشهيد رجا التي كانت بعمر الزهور لحظة استشهاده، تقول عن قصة والدها: حاولت أمي وجدتي حماية أبي من عنف الاحتلال خصوصًا أنه كان متزوجًا ولديه أربع بنات صغيرات، لكن رده الوحيد عليهم كان: "الموت ولا المذلة".
وتتابع جليلة: "فور إصابته حاول أحد أقربائي نقله بسيارته للمستشفى القريب، لكن جنود الاحتلال، أعاقوا وصوله، وهشموا زجاج السيارة التي تقلهم بأعقاب البنادق، ما جعله ينزف بشكل كبير، واستشهد فور وصوله إلى المشفى".
وتؤكد أن يوم الأرض هو يوم تحول فلسطينيي وعائلي بالنسبة لها، ومنذ 1976، أصبحت بمشاعر مختلطة، الحزن على فراقه مصحوب بالفخر لأنها تحمل أسم والدها البطل.
وتشيد أبو ريا بحجم المشاركة في إحياء يوم الأرض، الذي يليق بشهداء الشعب الفلسطيني، قائلة: يقع واجب على عاتقنا أن نربي أبناءنا على مواجهة المصاعب وضغوطات الحياة في ظل السياسات العنصرية للاحتلال، وتجهيزه ليكون جيل تحرير فلسطين.
وهذا هو العام الـ43 على ذكرى يوم الأرض، فيما يواصل الفلسطينيون في فلسطين المحتلة سنة 1948 والضفة وغزة إحياء ذكرى هؤلاء الشهداء والوقوف عند بطولاتهم، من خلال مظاهرات وندوات ونشاطات وطنية مرددين الأناشيد الفلسطينية التي تدل على الصمود والتحدي رافعين شعارات تطالب بوقف الاستيطان الإسرائيلي ومصادرة الأراضي الفلسطينية.
وتوافق يوم الأرض أمس مع الذكرى الأولى لانطلاق مسيرة العودة الكبرى وكسر الحصار السلمية في قطاع غزة في 30 مارس/آذار 2018. ويصمم الفلسطينيون على الاستمرار في هذه المسيرة حتى تحقيق أهدافها المتمثلة بحق العودة وكسر الحصار المشدد المفروض على القطاع منذ 13 سنة.