قائمة الموقع

في يوم الأرض.. المسن أبو لبدة يقترب من حلمه

2019-03-31T11:12:22+03:00
تصوير - ربيع أبو نقيرة

كأنما باتت عودته إلى قريته في فلسطين المحتلة سنة 1948م وشيكة، هذا هو الشعور الذي راود المسن عدنان أبو لبدة (69 عامًا) خلال إحياء الذكرى الـ43 ليوم الأرض أمس، بمسيرة مليونية عنوانها: "الأرض والعودة".

ويؤكد أبو لبدة في "دردشة" مع صحيفة "فلسطين" أن فعاليات إحياء يوم الأرض أمس قربته من أرضه وبلدته الأصلية يبنا، التي كانت أكبر قرى قضاء الرملة، لاسيما أنها لفتت أنظار العالم إلى أن الشعب الفلسطيني ما زال متمسكًا بالعودة إلى أرضه التي هجرته منها العصابات الصهيونية.

وينظر المسن أبو لبدة إلى التضحيات التي قدمها وعائلته على مدار عام كامل من الاحتجاج السلمي في مخيم العودة شرق رفح جنوبي قطاع غزة، خطوةً مهمةً على طريق الحصول على حقه في العودة والأرض.

ويفتخر بالشرف الذي حازه من زرعه أول علم فلسطيني بمحاذاة السياج الفاصل شرق رفح، في أول يوم انطلقت فيه مسيرة العودة، وأحيا الفلسطينيون فيه الذكرى الـ42 ليوم الأرض العام الماضي.

وأصيب أبو لبدة بجراح بالغة في بطنه من شظايا عيار ناري متفجر في ٢٩ حزيران (يونيو) ٢٠١٨م، وأصيب عشرات المرات بالإغماء بسبب الغازات السامة التي يقمع الاحتلال بها المحتجين الفلسطينيين السلميين.

ولم تثنه إصاباته، أو فقدانه حفيده الشهيد الطفل هيثم الجمل في التاسع من حزيران (يونيو) 2018م، عن مواصلة مشاركته في أحداث وفعاليات إحياء ذكرى يوم الأرض.

ولا تخيف رصاصات الاحتلال وآلته العسكرية المسن أبو لبدة، الذي يتقدم صفوف المحتجين وهو يمسك بعكازه بيدٍ، وباليد الأخرى يرفع علم فلسطين.

وتشارك عائلته شقيقته وزوجته وبناته وأبناؤه وزوجاتهم وأحفاده، دائمًا في فعاليات مسيرة العودة، مبتدعين أساليب متنوعة، منها: صنع الطعام للمتظاهرين، وتقديم المياه لمن يتقدم الصفوف منهم.

وعن "سر" شجاعته في المشاركة في خيام العودة والتلويح بعلم فلسطين ورفع شارة النصر، مع أن جنود الاحتلال الذين يتمركزون خلف السياج يستخدمون العنف ضد المحتجين السلميين؛ يوضح أبو لبدة أنه صاحب حق، وصاحب الحق لا يخاف.

ويقول: "نحن نأتي هنا من أجل الحياة، فنحن نتوق إلى الحياة بحرية وكرامة على أرضنا، ولا نرضى بالهوان والذل والاحتلال".

"أرضنا شرفنا"

ويتابع أبو لبدة: "سيأتي اليوم الذي أرجع فيه إلى يبنا، فعائلتي تركت هناك 340 دونمًا، وإن لم أعد أنا فسيعود أبنائي وأحفادي من خلفي، فهم كذلك متشوقون إلى رؤية الأرض، ومستعدون لريها بدمائهم والتضحية بأرواحهم من أجلها".

ويعلم المسن أحفاده أن "أرضنا هي شرفنا وعزتنا وأعز ما نملك، ولن نتخلى عنها أبدًا، وسنعود إليها"، مضيفًا وهو يشير بعكازه إلى جنود الاحتلال: "أما هؤلاء فهم محتلون عابرون، وسيرحلون، وإن لم يرحلوا فستكون هذه الأرض مدفنًا لهم".

ويشدد أبو لبدة على أن الحقوق تنتزع انتزاعًا ولا تستجدى، معربًا عن وقوفه مع المقاومة الفلسطينية وتأييده لها، مؤكدًا في الوقت ذاته سيره على طريق نجله أشرف الذي اغتالته قوات الاحتلال بمنزله في حي السلام عام 2004م، بعد مطاردة طويلة.

ويذكر أن طريق الحرية مضرجة بالدماء والتضحيات، قائلًا: "الجزائر قدمت مليون شهيد، ودول كثيرة ضحت من أجل رفع الظلم عنها، ونحن إن لم نتقدم ونقدم فلن ننال الاستقلال، ولن تحظى عيوننا برؤية أراضينا".

ويلفت إلى أنه ودع حفيده هيثم بالورد في مشهد أبكى العيون، متمنيًا أن يحظى بما حظي به حفيده، قائلًا: "طريقنا ينتهي إما بالشهادة أو النصر، وإن لم أشهد النصر فأتمنى شهادة في سبيل الله على أعتاب أراضينا المحتلة".

وفي الذكرى الـ ٤٣ لأحداث يوم الأرض يؤكد أبو لبدة أنه لم يكل أو يمل من المطالبة بحقه في العودة إلى أرضه، قائلًا: "علمت أبنائي وأحفادي كيف يحبون الأرض، وكيف يضحون من أجلها".

وتعود أحداث يوم الأرض لعام 1976م عندما قررت حكومة الاحتلال برئاسة إسحاق رابين آنذاك مصادرة 21 ألف دونم من أراضي قريتي عرابة وسخنين، ما دفع الفلسطينيين في فلسطين المحتلة سنة 1948م إلى انتفاضة شعبية، وأعلنوا إضرابًا عامًّا.

وأدى استخدام الاحتلال العنف ضدهم حينئذ إلى استشهاد ستة فلسطينيين، وإصابة واعتقال المئات، قبل أن يتراجع رابين عن قراره.

ويذكر أبو لبدة أنه يحتفظ بمفتاح البيت الذي ورثه عن أجداده، قائلًا: "إن لم أعد أنا؛ فإنني سأورث المفتاح أبنائي، وأترك لهم وصيتي: لا عودة عن حق العودة".

اخبار ذات صلة