تحمل المواجهة الجارية، وتصدي المقاومة الفلسطينية لتصعيد الاحتلال الإسرائيلي على جبهة قطاع غزة، رسائل متبادلة، أظهرت القوة الكبيرة التي تملكها المقاومة ورسالتها الواضحة بأن "اللعب مع غزة وشراء الوقت وهدره من قبل رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو للتنصل من استحقاقات التفاهمات الأخيرة برعاية مصر، سياسة لا يمكن أن تمر"، وفق مختصين.
وشن طيران الاحتلال الحربي اليومين الماضيين سلسلة غارات على أهداف متفرقة في قطاع غزة، ردّت عليها المقاومة بإطلاق عدد من الصواريخ على المستوطنات الإسرائيلية، مؤكدة أنه "إذا زاد الاحتلال زدنا".
رسائل متبادلة
المختص في الشأن الإسرائيلي أيمن الرفاتي، يرى أن جولة العدوان الإسرائيلي على غزة، حملت رسائل متبادلة بين المقاومة والاحتلال، وأظهرت القوة الكبيرة التي تتمتع بها المقاومة، رغم أنها لم تستخدم الكثير منها في ردها على التصعيد.
وقال الرفاتي لصحيفة "فلسطين": إن المقاومة أرسلت رسالة شديدة اللهجة للاحتلال، تظهر أن اللعب مع غزة وشراء الوقت من قبل نتنياهو لا يمكن أن تُمرر، في ظل محاولته التهرب من استحقاقات "تفاهمات" إنهاء الحصار، وبقاء الوضع المتردي لحين انتهاء الانتخابات، وهو ما ترفضه المقاومة.
وأضاف أن غزة تثبت في كل مرة أنه لا يمكن ردعها، ولا تسمح بجعلها ملفًّا هامشيًّا في المنطقة، في ضوء المتغيرات الجارية والحديث عن "صفقة القرن"، بل أثبتت أن لديها القدرة على التأثير على المستوى السياسي والعسكري في المنطقة وخاصة لدى الاحتلال، والتأثير في المسار الانتخابي له.
ورأى أن نتنياهو يعيش حالة أزمة داخلية في ضوء الانتخابات الإسرائيلية القادمة، وكان يسعى للخروج من الأزمة عبر سرقة الوقت مع غزة، إلا أنه قد يكون مضطرًا لتقديم تنازلات قبل الانتخابات، رغم أنه يستخدم حاليا أسلوب التهديد الميداني بحشد الآليات العسكرية قرب غزة.
من جانبه، وصف اللواء العسكري المتقاعد واصف عريقات، جولة المواجهة الأخيرة بأنها "محسوبة" من الطرفين، مبينًا أن الاحتلال كان يريد تغيير قواعد الاشتباك وأن يكون له الكلمة الأخيرة، وهذا ما لم يتم.
وقال عريقات لـ"فلسطين": إن المقاومة استطاعت المحافظة على معادلة الردع، وأثبتت أنها لاعب رئيس في مسرح العمليات، في حين فشلت (إسرائيل) في تغيير المعادلة.
وحول تأثير الجولة على الانتخابات الإسرائيلية، يعتقد الخبير العسكري أن تحالف نتنياهو غير راضٍ عن النتيجة، وأنه يتعرض لانتقادات كبيرة من خصومه السياسيين، منبهًا إلى أن قوة الردع ضاعت في زمنه ولم يحافظ على الأمن للمستوطنين، ولم يستطع مواجهة ملف قطاع غزة، بل راكم مجموعة من الإخفاقات ستؤثر عليه في الانتخابات القادمة.
خيارات صعبة
في حين يعتقد المختص في الشأن العسكري رامي أبو زبيدة، أن نتنياهو بات أمام خيارات صعبة، بعد مشهد الصاروخ والدمار الذي أصاب منزلًا في (تل أبيب)، ومشهد رد المقاومة على التصعيد، خاصة أنه مقبل على مرحلة انتخابات.
وقال أبو زبيدة لـ"فلسطين": إن المقاومة أعطت إشارات منذ البداية أنها لن تسمح بالتغول الإسرائيلي على دماء أبناء الشعب الفلسطيني، ولن تصمت على أي تجاوز للخطوط الحمراء.
ويرى أن نتنياهو حاول استغلال هذه الجولة في خفض مطالب المقاومة، أو محاولة إيقاف أدوات مسيرة العودة وكسر الحصار "الخشنة"، مستبعدًا أن يقدم نتنياهو على تقديم أي تنازلات للمقاومة، حتى لا يظهر بموقف الضعيف أمام الأحزاب الإسرائيلية في الانتخابات القادمة.
وتوقع أن تستمر المقاومة بالضغط على الاحتلال من خلال أدوات مسيرة العودة، كنوع من "ابتزاز" نتنياهو للحصول على الحقوق في رفع الحصار الذي يتعنت الاحتلال في الاستجابة لها، وكذلك التأثير على مجريات الانتخابات الإسرائيلية.