فلسطين أون لاين

​هل وضعت غزة "نتنياهو" في موقف مأزوم خلال التصعيد الأخير؟

...
اضطر "نتنياهو" لقطع زيارته الأخيرة لواشنطن
الناصرة-غزة/ أحمد المصري:

تطفو على السطح تساؤلات مهمة عن السلوك السياسي لرئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بعد جولة التصعيد الأخيرة، وإذا ما كان صاروخ "كفار سابا" جنوبي "تل أبيب" يعيش في أوج أزمة لربما تؤثر سلبًا في مساعي حصوله على أصوات الناخبين الإسرائيليين في انتخابات "الكنيست" المقررة بعد أقل من أسبوعين، وإذا ما كان يستطيع تجاوز انعكاسات "جبهة غزة".

واضطر "نتنياهو" لقطع زيارته الأخيرة لواشنطن، وعدم إكمال برنامج جدول أعماله، بعد سقوط صاروخ على "كفار سابا" المحتلة، فيما ردت المقاومة على استهداف طائرات الاحتلال لعدد من المنازل والمؤسسات والمواقع بغزة بعشرات المقذوفات التي طالت المستوطنات المحاذية لقطاع غزة.

مزيد من العبء

ولم يشك أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأمة، عدنان أبو عامر، في إلقاء التطوراتالسياسية والعسكرية تلك بمزيد من العبء على كاهل "نتنياهو" في خضم المعركة الانتخابية القادمة.

ويقول أبو عامر لـ"فلسطين": إن "نتنياهو" يستطيع أن يحقق نقاطًا انتخابية واستمالة الناخبين الإسرائيليين في مختلف الجبهات كالضفة الغربية أو سورية أو إيران، لكن مع جبهة غزة الموضوع مختلف تمامًا، حيث تسند المقاومة ظهرها للحائط.

ويؤكد أنّ "نتنياهو" يجد نفسه محرجًا أمام الإسرائيليين الذين يتابعون اتساع رقعة إطلاق المقاومة للصواريخ داخل الأرض المحتلة عام 48، وتجاوزها للمستوطنات القريبة من السياج الأمني الفاصل بعشرات الكيلومترات، بحث أضحى قصف مدينة "تل أبيب" أمرًا اعتياديًا.

وخشية على فرصه في الانتخابات، يشير أبو عامر إلى أنّ "نتنياهو" يجزم بداخله أنّ التصعيد تجاه غزة والتساوق مع مطالب المعارضة الإسرائيلية، لا يصب البتة في صالحه إطلاقا، وهو ما أشارت إليه استطلاعات الرأي الإسرائيلية في الأيام الأخيرة.

ويلفت إلى أن ذلك ما جعل "نتنياهو" يحتوي الأزمة بأقل خسائر الممكنة، ويحاول أن يلفت الأنظار عن غزة تجاه جبهات أخرى كالموضوع في الجولان والملف الإيراني، لضمان عدم وجود انعكاسات سلبية يسقطها الجمهور الإسرائيلي ضده في صندوق الاقتراع.

ويذكر أنّ "نتنياهو" عمل على استيعاب الأمر، بإطلاق يد الجيش نحو أهداف محددة بغزة، وليخرج بذلك بأقل الخسائر، ودون أن يدفعه أي كان تجاه مواجهة عسكرية كبيرة لن يخرج منها سالمًا.

منظار انتخابي

واتهم وزير التعليم في حكومة الاحتلال "نفتالي بينيت"، "نتنياهو" دون أن يشير إليه بالاسم بالضعف وعدم الشجاعة، قائلًا: "الدولة تخلت عن سكان الجنوب، أقوى جيش في الشرق الأوسط لا يمكنه الانتصار على حماس لأنه لا توجد شجاعة لدى المستوى السياسي".

ونقلت وسائل إعلام عبرية عن وزراء داخل "الكابينت" قولهم: "إنّ نتنياهو ينظر إلى الأوضاع بمنظار انتخابي وليس بمنظار أمني، وعندما يتم التعايش مع الطائرات الورقية الحارقة سيتم التعايش مع الصواريخ على (تل أبيب)".

غزة تحرج نتنياهو

ويؤكد الكاتب والمحلل السياسي المختص في الشأن الإسرائيلي، نظير مجلي، وضع جبهة غزة خلال التصعيد الأخير "نتنياهو" في موقف "مأزوم ومحرج"، غير أنّ ذلك لا يعني وفقا لمجلي أن "نتنياهو" سيحصد عبر ذلك نتائج من شأنها أن تجعله يخسر جوله الانتخابات.

ويقول مجلي لـ"فلسطين": صدّر "نتنياهو" القصف الذي جرى على غزة خلال الأيام الماضية للجمهور الإسرائيلي بأنه الأقوى، وأن حالة الردع لغزة والفصائل فيها لم تتوقف، وأنه سيتخذ خطوات قادمة من شأنها أن تغير المشهد الحالي.

وعبر بعض الضربات المركزة في قطاع غزة، يشير "مجلي" أنّ نتنياهو أخرج نفسه من الحرج مع بث صور العدوان والتدمير الذي ألحقته القصف الجوي للمؤسسات والمنازل والمواقع بغزة، غير أنّ المعارضة السياسية الإسرائيلية ما زالت تشكك في جدوى ما حصل، والإيعاز بأن "نتنياهو" بات عاجزًا أمام غزة.

ويرى مجلي أن "نتنياهو" يدرك تمامًا أن توسيع رقعة النار في غزة، سيحقق نتائج سلبية للغاية إذا وجهت المقاومة لنيرانها تجاه البلدات الإسرائيلية بصورة أكبر ولم يستطع إيقاف ذلك، وهو ما يجعله أنّ يصور جولة التصعيد انتهت بالانتصار، فيما يحاول توجيه الأنظار لبعض الانجازات التي حققها كما كان حال الاعتراف الأمريكي بسيادة (إسرائيل) على الجولان.