لا تضامن مع غزة؟! غزة تحت القصف ولا تضامن عربي معها؟! ماذا؟! ماذا أصاب النظام العربي؟! قبل عقود كان يتكلم عن تحرير فلسطين، ثم صار يتكلم عن استعادة أراضي الـ1967م، ثم ذهب للتطبيع والاتفاق مع العدو، قبل أن يحصل على الأرض، ثم تحول إلى الشجب والاستنكار كلما هاجم العدو غزة أو الضفة، ثم توقف عن الشجب والاستنكار، ثم ذهبت أصوات منه تدعو لإسرائيل بالنصر على غزة، ولسنا ندري ما الخطوة العربية القادمة؟!
الفنانة اللبنانية إليسا تتضامن مع غزة، ضد العدوان الإسرائيلي أمس، والنظام العربي لم يعلن تضامنه، ومن ثمة يمكن أن نقول إن إليسا تفوقت وطنية على رجال الحكم العرب، ويا ليت شعري، وهل يبلغ هؤلاء ما بلغته هذه؟! إن من النظام العربي من يؤيد قصف غزة، ولا تحرك مشاعره مناظر البيوت المدمرة، ولا الأسر المشردة، ويودّ لو تمّ مسح هذه البقعة من خريطة العالم، لما تسببه لهم من إحراج سنوي، وفصلي، وشهري، ومن ثمة تنزع عنهم نعمة الفساد، والتمتع بالنساء حلالا وحراما؟!
التضامن العربي مع غزة وفلسطين بات من الماضي، ومن كان يكذب على فلسطين في الماضي، بات يجاهر بمعاصيه، فلا يرى بضم العدو للقدس ثم للجولان، ثم بقصفه لغزة، ما يستحق الكذب حتى في الشجب والاستنكار، (فإسرائيل) في نظره على حق، وغزة في نظره على باطل، وكسر شوكة غزة حاجة عربية، كما هي حاجة إسرائيلية؟!
غزة فيما يبدو تعيش وحدها، وتقاوم وحدها، وتموت لا قدر الله وحدها، وتبعث وحدها، لأن من يعيش في زمنها يبدون أمواتا وهم أحياء، فلا هي تشاركهم نفاقهم، ولا هم يشاركونها بطولتها، والحياة الكريمة من دونهم ممكنة، ولا كرامة لهم من دونها، رحم الله شهداءها، وأحياءها، وشكرا لإليسا فقد أثبتت أنها أشرف من كراسيهم، وأكرم لغة من لغاتهم.
غزة يا عرب كانت قديما تبحث عن التضامن العربي. كانت يومها دون سن الرشد، فلما أصابت الرشد، والكمال تركت التضامن الفارغ لأصحابه من أهل المعالي والسمو والملوك، وذهبت وحدها تنوب عن شرفاء العرب والعالم في مقاومة العدو، وفضح عدوانه، وكسر هيبته التي افتخر بها على شرفاء العالم وأحراره. دعوا التضامن لأهله، فإن ألف قذيفة من كلام لا تساوي قذيفة من حديد.