يستعد الطفل محمد عياش الذي اشتهر باحتمائه بـ"البصل" من قنابل الغاز المسيل للدموع إلى المشاركة برفقة أسرته في الذكرى الأولى لمسيرات العودة وكسر الحصار السلمية نهاية الشهر الجاري، ويبدو أن في جعبتهم مشهدًا جديدًا سيصدرونه للعالم خلالها.
كان عياش يبلغ تسع سنوات عندما فاجأ العالم بمحاولته التغلب على الغاز المسيل للدموع الذي استخدمه جيش الاحتلال الإسرائيلي في تفريق المتظاهرين السلميين، بوضع كمامة بداخلها بصلة.
في مخيم المغازي وسط قطاع غزة حيث ذاع صيت تلك الأسرة وأصبحت قبلة للإعلاميين بدت ملامح الرغبة لدى محمد الذي يدرس بالصف الرابع في قيادة أقرانه في فعاليات المسيرة المقبلة، التي ستتزامن هي والذكرى الـ43 ليوم الأرض.
ويتحدى عياش الاحتلال الإسرائيلي قائلًا وهو يتوسط بعض أفراد عائلته: "سأصطحب يوم الأرض أبناء الحي للمشاركة في مسيرات العودة، رغم إصابة عدد من أبناء عائلتي وحيي؛ نتيجة اعتداء قوات الاحتلال على المشاركين في المسيرات".
وتعرف محمد إلى "سر" تسمية يوم 30 آذار (مارس) يوم الأرض، خلال إحدى مراحل دراسته الابتدائية، إضافة إلى تركيز عائلته في الحديث عن المشاركة في مسيرات خلال ذلك اليوم، الذي تحل فيه ذكرى مصادرة الاحتلال نحو 21 ألف دونم لتنفيذ مشروع أطلق عليه "تطوير الجليل"، وكان عبارة عن عملية تهويد كاملة للمنطقة.
ويبين بسام عياش والد الطفل محمد أنه يشارك في مسيرة العودة في كل جمعة مصطحبًا ابنه، رغم معاناته من الشظايا التي أصيب بها شرق مخيم البريج، وسط قطاع غزة، موضحًا أنه أجري له عمليتان لإزالة الشظايا، وهو في انتظار عملية أخرى للهدف ذاته.
ويضيف الأب لصحيفة "فلسطين": "لقد غيرت تلك اللقطة التي ظهر طفلي فيها يحتمي بكمامة البصل مسار أيامه، حتى إنه بات يدافعني للتقدم نحو خيام العودة المحاذية للسلك الزائل، وأحرص في أثناء وجودنا هناك على أن أجنبه خطر عنف الاحتلال قدر الإمكان، لاسيما بعدما قتل عددًا من الأطفال، وأطلق رصاصه مباشرة على رؤوسهم".
ورغم جرائم الاحتلال الطفل عياش لا يبدي خوفًا من التقدم في خيام العودة المحاذية للسياج الفاصل، الذي يقف خلف تبات رماله عشرات من جنود الاحتلال المدججين بالسلاح، ويلقون قنابل الغاز على المشاركين في المسيرة السلمية، وفق ما يقول والده.
ويشير عياش إلى أن قوات الاحتلال تستهدف الجميع في خيام العودة، ولا يحكمها أي قانون أو جهات حقوقية، ولا ينطبق ذلك على الإنسان فقط، حتى إن هذا الاحتلال قتل حمارًا بطلقات متفجرة مع أنه لا يشكل أي خطر عليه.
ومحمد الابن البكر الذي تنحدر عائلته من مدينة يافا يشارك باستمرار في مسيرات العودة، التي مر عام على انطلاقها، مؤكدًا حقه في أرضه التي سلبتها قوات الاحتلال قبل 71 سنة من أجداده.
أصل الفكرة
براءة طفولة محمد دفعته إلى ربط كمامة على وجهه ووضع بصلة بداخلها، بعد سماعه من المشاركين أن البصل يمنع غاز الاحتلال من حرق الأعين، وهو إذ يؤكد فعالية ذلك يستمر في ربط كمامة البصل خلال مشاركته في المسيرة.
هذا الطفل الذي حرمه الاحتلال العيش بحرية كباقي الأطفال في العالم يصر على أن يكون فاعلًا في مسيرة العودة حتى تحقيق الأهداف ونيل الحقوق، مؤكدًا أن القضية الفلسطينية قضية شعب مطلبه العودة وكسر الحصار.
كذلك تتمسك "رسمية" جدة الطفل محمد بالمشاركة في المسيرة، مع أن رصاصة متفجرة أطلقها الاحتلال صوب أحد أبنائها أدت إلى بتر قدمه، ويرقد آخر بمستشفى شهداء الأقصى في دير البلح، وسط القطاع.
وتقول الجدة لصحيفة "فلسطين": "إن ابني إبراهيم الذي وصفت حالته بالخطيرة أصيب بقنبلة غاز في الرأس قرب السياج الفاصل، شرق مخيم المغازي، وسط القطاع، واستنشق كمية كبيرة من هذا الغاز".
لكن العائلة تؤكد أن كل هذه الجرائم الاحتلالية لن تثنيها عن العودة إلى ميدان المسيرة في كل مرة.