قلنا في مقال سابق إن الجولان السوري على طريق القدس في الضياع. واليوم نقول إن الضفة الغربية تسير على طريق القدس والجولان أيضا. دولة العدو أعلنت عن ضم القدس الشرقية لعاصمتها في عام 1969م، وسنت في ذلك تشريعا يمنع عودتها للعرب، وجاءت إدارة ترامب الحالية تؤيد الضم والتشريع الإسرائيلي، وتعترف به وتنقل سفارتها من تل أبيب إلى القدس، وهكذا أسدلت (أميركا وإسرائيل) الستار.
ثم قام الرئيس ترامب فأعلن تأييده لضم (إسرائيل) لهضبة الجولان، وزعم أن الجولان إسرائيلي من الآن، وأمن (إسرائيل) مرتبط به، وقال بامبيو يبدو: (أن الرب قد اختار ترامب) للدفاع عن (إسرائيل)، وهكذا يحاول ترامب (وإسرائيل) إسدال الستار على الجولان. نعم ما يجري فيه تحد للعرب، وللمسلمين، بل للأمم المتحدة، والمجتمع الدولي، وشرعنة لمبدأ القوة والاحتلال في العلاقات الدولية.
إن إهمال ترامب، (وإسرائيل)، للقانون الدولي، وقرارات الأمم المتحدة، وموقف المجتمع الدولي التاريخي، يجعلنا نخاف كثيرا، ونتوقع أن يعلن ترامب عن اعترافه بضم (إسرائيل) للضفة الغربية، بحجة إنها لازمة لأمن (إسرائيل)، وكلنا يعلم أن الضفة في الرؤية الإسرائيلية هي يهودا والسامرا، وأنها أصل الدولة العبرية الأولى بزعمهم، وهي عندهم أهم من الجولان السوري.
إن الخوف على الضفة، وقد أشار إليه عريقات، في مكانه، ولا يبدد هذا الخوف المتوقع غير إطلاق يد المقاومة في الضفة الغربية، وفتح أبواب الشهادة أمام عشاق الشهادة، ولا علاج أيضا للجولان إلّا في الطريق نفسه، وفتح أبواب المقاومة والشهادة أمام السوريين وسكان الجولان.
إن العالم الذي تقوده أميركا لا يعرف إلا لغة القوة، ولا يقيم وزنا للقانون الدولي، ولا لقرارات الأمم المتحدة، وإذا ما فشل العرب في استعادة أنفسهم وقوتهم السالفة، فبلادهم وثرواتهم ستبقى رهن ما تطلبه الإدارة (الأميركية وإسرائيل). العرب في الخليج ليسوا بمنأى عن أطماع أميركا (وإسرائيل)، وإن ظنوا ذلك. الغباء كارثة على القادة والأمم، وفلسطين لن تكون آخر أطماع يهود وأميركا، وآخر الغباء لن يكون غباء سوريا، فقد ضاعت الجولان عندما ضاعت القدس.