المواقف المحرجة التي تصدر عن أطفالك أثناء حضور الآخرين قد تصيبك بالدهشة والغيظ معًا، ونظرات من حولك تتطلب منك معاقبته بالضرب أو الزجر، وقد يدفعك حرجك لتلبية ما يريده الابن، وربما يكون من الأنسب اللجوء إلى خيار آخر يتمثل في مقابلة الموقف بروية وحكمة والتحدث مع الطفل بهدوء وتوضيح خطئه له.
اهتمام الأهل بسلوك أطفالهم خارج المنزل يساعد الآخرين على تقبلهم والترحيب بهم، فيما عدم اكتراث الوالدين بأخطاء أبنائهما قد يؤدي إلى النفور منهم أو حتى توبيخهم، لذا لا بد أن يعرف كل الآباء والأمهات طرق التعامل الصحيحة مع الأبناء حتى يتفادوا إزعاج الآخرين واتهامهم بأنهم فشلوا في تربيتهم.
إيذاء وإشفاق
أميرة سليمان (30 عامًا) قالت: "قد يتعامل بعض الآباء والأمهات مع أبنائهم بشيء من العنف والإهانة أمام الآخرين، نتيجة لضعف أو خلل ما في شخصياتهم، ما يجعل البعض يتجرأ على الأبناء بأذية ما، والبعض الآخر يشفق عليهم".
وأضافت لـ"فلسطين": "كلا الوضعين كفيل بتدمير نفسية الابن، وإن كان الشكل الأول من التعامل أكثر تأثيرًا، فالشكل الثاني أثره يمس نفسية الأبناء، والعواقب الوخيمة الناتجة عن هذه التجاوزات التي يتعرض لها الأطفال يتحملها الأهل، وهم مسؤولون عنها في الآخرة، لذا فرفقًا بالأبناء فهم أمانة الله في أرضه".
عقاب وإقناع
أما "راوية اليازجي" فأُصيبت بالذهول من رد ابنتها "هيا" على زوجة عمها التي كانت تحدثها لتثور فجأة "ملكيش دخل"، ما سبب لها حرجًا، فصفعت الطفلة على وجهها، ما جعل "هيا" تدخل في نوبة بكاء لشعورها بالإهانة.
قالت اليازجي لـ"فلسطين": "أتعمد ضرب أبنائي أمام الآخرين إذا سبّوا من هم أكبر سنًا منهم أو وجهوا لهم كلامًا مزعجًا، حتى لا أظهر كما لو كنت غير مكترثة بسوء تصرفاتهم ولم أفلح بتربيتهم".
أما أم محمد أبو هاشم، بينت أنها تنتقد لأنها لا تعاقب أطفالها أمام الآخرين حينما يقومون مثلًا بالصراخ أو البكاء أو أي سلوك سلبي آخر، حيث تكتفي بالتحدث إليهم بالتوقف فورًا وإن لم يستجيبوا تستأذن لمغادرة المكان.
نمط التربية
وفي ذات السياق، بين الأخصائي النفسي د. إياد الشوربجي أن نمط التربية الذي يتبعه الوالدان ينعكس على سلوك الأبناء، سواء داخل الأسرة أو في وجود الآخرين، ومن ذلك رد فعل الأطفال عندما يتعامل الأهل مع سلوكياتهم الخاطئة بتوجيههم وإقناعهم بتبيان خطئهم، أو معاقبتهم بالضرب والإهانة له دون شرح السبب.
وأوضح الشوربجي لـ"فلسطين", أن الطفل قد يقع في خطأ عند التفاعل مع الآخرين نظرًا لعدم خوضه للتجارب والمواقف المحرجة، لذا فلا بد من التوجيه المسبق له من قبل الأهل وإرشاده في كيفية التعامل أثناء وجود الأصدقاء أو الأقارب في البيت أو أثناء الزيارة.
بعض الأمهات يصطحبن أكثر من طفل معها أثناء زياراتها لأقاربها أو صديقاتها، ما يصعب السيطرة عليهم، لذا بين الأخصائي النفسي: "الأطفال يتصرفون في بعض الأحيان بسلوكيات لا يدركون أنها خاطئة وتسبب الإزعاج للآخرين، ودور الأم هنا يكون بالتعامل مع الابن حسب سنّه، وإن كان عمره يتراوح بين السادسة والسابعة، فأسلوب التوبيخ البسيط هو الأنسب".
وأشار إلى أن بعض الأطفال قد يتأثر بنظرة من والديه، وبعضهم لا يتوقف عن الخطأ إلا بالتوبيخ أو العقاب البدني، وهذا حسب السلوكيات التي يمارسها الأبوان.
وذكر الشوربجي أن بعض الأمهات قد تتعرض لمواقف محرجة من أطفالها كأن يقوموا بكسر بعض مقتنيات البيت الذين يتوجهون لزيارته، فيما السيدة المُضيفة لا تستطيع أن ترفع صوتها على الأطفال أو أن تعاقبهم بحضور والدتهم، لذا فالمسئولية تقع على عاتق الأم، التي من واجبها أن تضبط سلوك أبنائها وتمنعهم من التحرك في البيت كله، مع استثمار خطئهم لشرحه وتعديله.
ونبه إلى أن من واجب الأم، في حال أخطأ ابنها بحق الآخرين، أن تقدم اعتذارًا عن إساءته، وأن توضح أن ما فعله لا يعبر عن رأيها ورأي أسرتها، وكذلك تحاول تعديل سلوك الطفل بعيدًا عن الآخرين.
ونصح الشوربجي الأهل بتعليم الأطفال وتوجيههم لكيفية استقبال الضيوف، وآداب الزيارة، وتوجيههم بتعليمات تجعلهم يظهرون بصورة حسنة.