قدمت الشبكة العالمية العنكبوتية (الإنترنت) ومازالت تُقدم الكثير من الخدمات والأدوات التي تُساهم في توفير وقت وجُهد مُستخدميها، إضافة إلى اختصار المسافات بينهم، من أبرز تلك الخدمات خدمة التراسل الفوري التي قدمتها الكثير من التطبيقات، مثل: Messenger وWhatsApp وViper، إذ أصبح المستخدمون يعتمدون عليها اعتمادًا كبيرًا في تواصلهم؛ لكونها مجانية وسهلة الاستخدام في الوقت نفسه، وهذا ما أكده تقرير (سوشيال فلسطين)، أن 57.9% من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي في فلسطين يستخدمون تلك التطبيقات في التواصل مع عوائلهم وأصدقائهم، وأن 74% من الفئة نفسها يستخدمون الأجهزة المحمولة (الموبايل) لإجراء تلك الاتصالات، وهي نسبة ليست بالبسيطة.
حريٌ بنا تأكيد أن البيانات والمعلومات المختلفة: الرسائل النصية أو الصور أو مقاطع الفيديو التي يتبادلها مستخدمو تلك التطبيقات (المُرسل والمُستقبل) يجب أن تَمُر وتُحفظ في خوادم (Servers) الشركة المنتجة لذلك التطبيق، التي بدورها تمتلك الإمكانية الكاملة للاطلاع على جميع تلك البيانات المتداولة بين طرفي الاتصال، بمعنى أنه لا توجد سرية ولا خصوصية لتلك الاتصالات، ويا للأسف!، الكثير من المستفيدين من هذه الخدمات يجهلون تلك المخاطر، فيتعاملون معها بثقة تامة وبكل براءة.
في أحد أيام الصيف الماضي حصل معي الموقف الطريف التالي، كُنت مدعوًّا لتقديم محاضرة توعوية خاصة بالنساء عن الاستخدام الآمن لأجهزة الاتصالات، ومن جُملة التوجيهات والنصائح التي قَدَّمْتها لهن ضرورة لبس الحجاب في أثناء استخدامهن برامج المحادثة المختلفة، وذلك عند تواصلهن مع أي شخص، وإن كان من الأقارب، وقد كُنَّ منصتات وكأن على رؤوسهن الطير، فجأة قاطعتني إحداهن من كبار السن مستفسرة بقولها: "بالله يا خالتي هل ما تفضلت به حقيقة أم أنك تمزح معنا؟!"، فأجبتها: "بالتأكيد حقيقة، وليس مُزاحًا"، فردت عليَّ قائلة: "الله يستر علينا، طول الوقت وأنا بأكلم خواتي وبناتي وأنا مش حاطة الحجاب، والله لو أبو طارق (تقصد زوجها) يعلم بهالموضوع ليطردني برة الدار"، فبادرتها ممازحًا: "تقلقيش بأحط وجهي على الموضوع ومش حيعمل معك الحاج أبو طارق حاجة"، ثم أكدت أهمية الالتزام بتلك الإجراءات الوقائية، كي نتمكن من استخدام هذه التقنيات بكل أريحية دون أي خطر أو تهديد، وفي ختام اللقاء عبَّرَت الحَاجَّة "أم طارق" عن ارتياحها بعد الصدمة التي تَلقتها، وَوَعَدَتْ كباقي النسوة بالتقيد بتلك التوجيهات البسيطة.
ختامًا نأمل من الجميع عدم الاستخفاف عند التعامل مع تلك التقنيات، وأخذ ما سبق على محمل من الجد، كي نحذر من مراقبة وتتبع "العين الثالثة".