فلسطين أون لاين

​أيهما ترجح.. كفة إيجابيات العمل عن بعد أم سلبياته؟!

...
العمل مع أكثر من جهة يفتح الآفاق وباب العلاقات الجديدة
غزة/ هدى الدلو:

لعل التطور التكنولوجي كان مسعفًا لدى العديد من الشباب بدلًا من الانتظار طويلًا في طابور البطالة المقيت، فخلق لهم فرص عمل عن بعد، خاصة مع زيادة أعداد الباحثين عن عمل، والخريجين كذلك، إلى جانب أن الوضع السائد في قطاع غزة والحصار المفروض عليه منذ أعوام متتالية لم يتح الفرصة لكثير من الشباب من السفر لتولي وظائف في شركات منتشرة في مختلف دول العالم. فما إيجابيات وسلبيات العمل عن بعد؟ وهل يتيح الفرصة لتنمية الذات وتطوير المهارات؟

انفتاح على العالم

الشابة مها أبو شمالة قالت: "نحن في عصر التكنولوجيا والعولمة والتطور، ومن الطبيعي أن يكون هناك تواصل عن بعد، والجميل أن يصل هذا التواصل لمرحلة العمل وتبادل الأفكار".

ورأت أبو شمالة في أثناء حديثها مع صحيفة "فلسطين"، أن الأمر يحمل في طياته سلبيات وإيجابيات كبناء علاقات خارج أسوار الوطن، والعمل مع جنسيات مختلفة، والانفتاح على العالم الخارجي وتبادل الأفكار والآراء، أما فيما يتعلق بالسلبيات، فهي تشمل بعض المشاكل بشأن تقاضي الراتب، ووقوع بعض حالات النصب والكذب والخداع، كما أن بعض الأفكار قد تكون منافية للفكر الإسلامي، وعادات وتقاليد المجتمع.

وأشارت إلى أنه لا بد أن نكون على قدر كبير من الوعي تجاه العمل عن بعد، خاصة عندما يتعامل البعض مع أناس ومؤسسات وهمية، وقد تكون تحمل بداخلها أفكار تبشيرية ومنافية، لذلك لا بد أن يكون الشخص على قدر كبير من الوعي والنضج والحذر.

فرصة مميزة

أما الشاب داود أبو ضلفة، والذي يعد العمل عن بعد فرصة متاحة ومميزة للشباب في قطاع غزة، وجيدة كذلك في ظل انعدام فرص العمل في القطاع وتفشي البطالة بشكل كبير، حيث يستطيع الفرد الحصول على المال من خلال العمل في البيت.

وبين أبو ضلفة لصحيفة "فلسطين"، أن العمل عن بعد ليس منتشرًا في صفوف الشباب، وذلك بسبب عدم تشجيع مؤسسات الدولة للشباب للدخول في هذا الفضاء المفتوح أمام الجميع، ويمكن العمل على ذلك من خلال تدريب الشباب على مهارات العمل عن بعد.

وتابع أبو ضلفة حديثه: "بالرغم من الإيجابيات الكثيرة للعمل عن بعد من توفير الموصلات للوصول إلى مكان العمل، وعدم الاحتكام إلى مدير معين، والحرية في ممارسة العمل، إلا أن هناك سلبيات أيضًا مثل المزاجية في العمل، وعدم الانضباط من قِبل العاملين، وترك استخدام أسلوب التواصل المباشر مع الناس الذي قد يؤدي إلى الانطواء، وكثرة ساعات العمل أمام الشاشات التي تؤدي إلى ضعف النظر والتركيز".

وأكد أنه يمكن من خلال العمل الحر، اكتساب الخبرات والقدرات على ممارسة العمل عن بعد من خلال تطوير المهارات والتعرف إلى طريقة عمل البرامج الخاصة بذلك، واستشارة ذوي الخبرة في هذا المجال.

راحة وعدم استقرار

أما نوال صالح التي خاضت تجربة العمل عن بعد سنوات تفوق سنوات عملها في المؤسسات المحلية، فعدَّت أن الحكم على طبيعة العمل يرجع حسب نظام الشغل إذا كان منتظمًا أو بالقطعة، وبدوام محدد بساعات أو غير ذلك.

وقالت لصحيفة "فلسطين": "بالنسبة لطبيعة عملي فهو غير منتظم، ولا يحتكم بدوام، فإيجابياته أنه لا توجد عليه قيود، وراحة نفسية بعيدًا عن ضغط المديرين، وأصبحت أعيش حياتي الاجتماعية براحة، ما خلق لي نوعًا من الراحة النفسية، وعليه إبداع في العمل وإتقان، كما أني أختار عمل ما أحبه لا وفق رغبات المؤسسة".

ونبهت صالح إلى أن العمل مع أكثر من جهة يفتح الآفاق وباب العلاقات الجديدة، أما سلبياته فتتمثل في عدم استقرار، وغياب الضمانات في الوقت التي تمتلكها الوظيفة الثابتة، إضافة إلى خلق حالة من الكسل، فأحيانًا ينسى الشخص أنه مرتبط بعمل.

تحرر من الواسطات

من جهته، أوضح اختصاصي التنمية البشرية محمد الرنتيسي، أن العمل عن بعد يكون خارج نطاق بيئة منتظمة، فلا يوجد مكاتب أو دوام، لافتًا إلى أن هذا النوع من العمل خلقته الحاجة، فبعض المؤسسات تلجأ له من باب توفير المصاريف التشغيلية، وقد ساعد هذا العمل في الانفتاح نحو العالم.

وقالت الرنتيسي لصحيفة "فلسطين": إن "هذا النوع من العمل ساعد في كسر الحواجز، والتحرر من الواسطات، فالكفاءة هي المعيار الوحيد، كما أنه كسر الحاجز المكاني بالنسبة لفلسطين وبالتحديد لغزة، حيث مكن الشباب من الوصول إلى مناطق في الواقع الافتراضي لم يتمكن من وصولها بسبب الحصار، وأتاحت فرصة المنافسة الدولية".

وبين الرنتيسي أن البعض يتخوف من تحصيل الحقوق والأتعاب ولكن هناك نظام مالي آمن، لأنه وفق نظام العمل عن بعد تعمل وفق منصات معترف فيها، منبهًا إلى أن من سلبياته التكاسل، فالعمل الطبيعي محكوم بدوام معين، لذلك يتطلب مستوى عالٍ من المسؤولية والانضباط.