قرابة عام مضى على انطلاق شرارة مسيرة العودة وكسر الحصار، التي عُدّت شكلًا جديدًا للنضال في قطاع غزة، أعاد القضية الفلسطينية للواجهة وعلى طاولة الدول من جديد.
فخلال هذه المدة باتت غزة وحصارها، والقضية الفلسطينية ككل، الشغل الشاغل للعديد من الوفود والوسطاء الذين جعلوا من القطاع بوصلتهم، لوضع حل للأزمات، مع حفظ المقاومة حقها في الرد والدفاع عن الحقوق الفلسطينية.
ومن اللافت أن استمرار المسيرة أفشل مراهنات الاحتلال الإسرائيلي على تراجعها أو وقفها، خاصة أنه وصفها في البداية بأنها زوبعة في فنجان، بل على العكس باتت ورقة رابحة بيد أهالي القطاع ضد محتلهم.
وانطلقت مسيرة العودة في 30 مارس/ آذار 2018، تزامنًا مع الذكرى الـ42 ليوم الأرض، بعدما نصبت الهيئة الوطنية العليا “خيام العودة” على بعد نحو 700 متر من السياج الفاصل في خمس نقاط رئيسة: شرقي مدينتي رفح وخان يونس جنوب القطاع، وشرق المحافظة الوسطى، وأخرى شرق مدينة غزة، وخامسة شرق جباليا شمال القطاع.
المسيرة في نقاطها الخمس أجبرت العالم على توجيه كاميراته إلى قطاع غزة، لتسلّط الضوء على ما يعانيه أكثر من 2 مليون مواطن يرزحون منذ 13 عاما تحت حصار خانق.
عام من الإنجازات
عضو الهيئة العليا لمسيرة العودة، عضو اللجنة المركزية للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ماهر مزهر، عدّ المسيرة “محطة مهمة من محطات النضال الفلسطيني على مدار أكثر من 70 سنة، حيث أحيت حق العودة في قلب كل فلسطيني في غزة والضفة الغربية والقدس، وأثبتت أن الحقوق لا تسقط بالتقادم”.
وأكد مزهر في حديث لصحيفة “فلسطين”، أن المسيرة كانت أرضية خصبة للوحدة الوطنية والمصالحة تحت العلم الفلسطيني رغم كل الخلافات، فجمعت الفصائل والأطر على قضية اللاجئين والعودة.
وبين أن الفلسطينيين أوصلوا رسائل عدة من خلال مسيرة العودة، أهمها: أننا مستمرون في النضال من أجل فلسطين حتى تحرير كل الأرض من الاحتلال، مردفًا أن المسيرة ردت بقوة على قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إعلان القدس عاصمةً لـ(إسرائيل)، وأن السفارة الأمريكية في المدينة المحتلة جسم سرطاني يجب اقتلاعه.
وأضاف: “العالم علم جيدًا أن في غزة 2 مليون فلسطيني يعانون من ويلات الحصار والدمار، بحاجة للعيش بكرامة كباقي شعوب العالم”، كما أن المسيرة كشفت الوجه الحقيقي للاحتلال، من خلال استخدامه الأدوات المحرمة دوليا في اغتيال الأطفال والنساء والكبار والمسعفين والصحفيين وكل فئات الشعب.
وبين مزهر أن فعاليات المسيرة أحدثت حالة إرباك في المنظومة الأمنية للاحتلال، واستنزفته ماليا وعسكريا قرب السياج الفاصل مع غزة.
وأكد أن المسيرة ستحقق أهدافها فعليا بكسر الحصار عن غزة، وتحسين الوضع المعيشي للمواطنين، منبهًا إلى أنها ستشهد تنويعا وتطويرا لوسائل وأساليب المقاومة السلمية لتكون أكثر تأثيرا وضغطًا على الاحتلال.
عالجت التهميش
من جانبه أكد عضو الهيئة العليا لمسيرة العودة منتصر أبو سلطان، أن المسيرة جاءت في وقت تعاني فيه القضية الفلسطينية من التهميش عالميا؛ بسبب الأزمات الدولية، وكان دورها إعادة توجيه البوصلة من جديد للمسار الصحيح.
وذكر أبو سلطان لـ”فلسطين” أن المسيرة أحرجت قادة الاحتلال دوليا، وطرحت أسماءهم لمحاكمتهم على الإجرام الذي ارتكبوه، وأبرزت قرارات دولية يجب تنفيذها كقرار حق العودة وتقرير المصير.
وحول القادم، قال أبو سلطان إن مسيرة العودة مستمرة حتى تحقيق أهدافها. وذكر أن هناك جهودا مبذولة لمحاكمة القادة العسكريين الإسرائيليين في المحكمة الجنائية الدولية، وإحراج (إسرائيل) في كثير من المنظمات الدولية والدول.
ولفت إلى أن المسيرة تُقيّم أسبوعيا وشهريا من خلال اجتماعات تقام دوريا تجمع أعضاء الهيئة لتعزيز وتصويب بعض الخطوات أو الأخطاء.
وذكر أن الهيئة تخرج كل أسبوع بخطاب أو بيان يحمل رسائل جديدة إما لأبناء شعبنا الصامد، أو للمجتمع الدولي والمجتمع الإنساني.