واستشهد البطل مرفوع الرأس. لم يترك عمر أبو ليلى سلاحه حتى ارتقى شهيدا ولا نزكيه على الله. وبهذا يصدق قول المجاهدين : إما النصر أو الشهادة. انتصر عمر بقتل أعدائه ونال الشهادة أيضا. إن الله لا يجعل للكافرين على المؤمنين سبيلا. عمر ابن الثامنة عشر ربيعا كان يفكر في فلسطين، ولا يفكر بنفسه، كان يفكر بالشهادة، وليس بالشهوة، كان يفكر في الجنة، وليس في الدنيا، التي أفسدها الاحتلال، وأفسدتها العمالة والخيانة في ضفة العياش.
نعم، لم تطل مطاردة عمر، كما طالت مطاردة نعالوة، لأن العملاء الخونة في كل شارع وزقاق، وفي الأسواق والمركبات، ولا يخلو منهم ليل الضفة ولا نهارها، ولأن الوضع كذلك فإن البطولة التي حققها عمر هي من معجزات الضفة، وشهادته نور لمن هم على الدرب سائرين، أفرادا كانوا أو خلايا نائمة، تنتظر القيامة المناسبة.
نعم ، لقد فضح عمر جنود العدو، وكشف عن جبنهم، قتلهم بسكين، وأخذ سلاحهم وقتل آخرين، ونجح بالخروج من مسرح العمليات، حتى وصل إلى رام الله، وتحصن في بيت, لحين هدوء البحث المشترك بين أجهزة التنسيق الأمني، غير أن مخالب الخيانة غدرت بالرجل، فنالت من حياته، وإن لم ينل الطرفان من روحه ومن إرادته، وقد فرح المجاهدون في قصته مرتين: مرة حين قتل عددا من أعدائه، ومرة حين انتصر على مطارديه ونال الشهادة.
لم يكن عمر أبو ليلى أول شهداء الشعب الفلسطيني، ولن يكون آخرهم، رحمهم الله جميعا، وستبقى فلسطين أما ولودا تلد الأبطال وتلد الشهداء، وغدا أو بعد غد يخرج إخوان عمر من رماد الشهادة ليواصلوا طريق عمر ونعالوة وغيرهما من شهداء الضفة، قاهرة المستوطنين، وحبيبة رب العالمين.
ما نكتبه عن عمر بمداد القلم، كتب عمر ما هو أفضل منه بالدم، ونحن نعلم أن الدم يجر الدم، وأن قصاص الضفة قادم، وهو إلى حياة العز صاعد. بالدم يحيا الشعب المظلوم، وبالمقاومة ينتصر الشعب على العدو الظالم، وبأقدام الحق يدوس الشعب الخونة، والمنسقين أمنيا مع العدو، فلا نامت أعين الجبناء. إذا كان نتنياهو قد فرح بموت عمر، فإن المؤمنين فرحوا مرتين، مرة بشهادة عمر ومرة بقتله لأعداء الله، رحمه الله وأدخله فسيح جناته.