أقر الكنيست الإسرائيلي، الإثنين الماضي، ما يسمى "قانون التسوية"، والذي يسمح لسلطات الاحتلال بمصادرة الأراضي الفلسطينية، التي أقيمت عليها بؤر استيطانية، رغم أن هذه الأراضي حسب القانون الدولي تتبع السلطة الفلسطينية.
هذا القانون يعد مخالفة واضحة وصريحة لقرار مجلس الأمن 2334، والذي أدان الاستيطان قبل نحو شهر ونصف الشهر من الآن، ومع ذلك فإن (إسرائيل) ردت عليه بسن هذا القانون، والذي تتناوله "فلسطين" مع باحثين ومراقبين عبر هذا التقرير لبيان أهدافه ومدى خطورته.
حل الدولتين مات
الدكتور جمال عمرو، الباحث في الشؤون المقدسية، علق على هذا الموضوع قائلاً:" لقد حذرنا السلطة الفلسطينية مراراً مما تضمره حكومة بنيامين نتنياهو، والتي لم تعطِ السلطة سوى بضعة تصريحات ساذجة لا تغني ولا تسمن".
وأضاف في تصريح لصحيفة "فلسطين": "أكدنا للسلطة أن حل الدولتين مجرد تصريح إعلامي وما على الأرض عكس ذلك تماماً، حيث إن الاحتلال اتخذ قرارًا منذ سنوات طويلة بأنه لا يمكن قيام دولتين بين البحر والنهر، بل هي دولة واحدة فقط للاحتلال الإسرائيلي".
وتابع: "الاحتلال الإسرائيلي قرر مصادرة الأرض الفلسطينية وأن يُعطي السلطة بعض التجمعات السكنية هنا وهناك، لإداراتها من حيث الرواتب والصحة والتعليم وغيرها حتى تتورط في إدارة شؤونهم".
وأشار إلى أن الكنيست الإسرائيلي سرّع من عملية المصادقة على هذا القرار وأن الاحتلال بالفعل قام بمصادرة الأراضي الفلسطينية قبل هذا القرار وذلك بالضفة الغربية، أما في القدس المحتلة فالمصادرة قائمة ولا تحتاج إلى تشريع.
واستطرد: "بموجب القانون الإسرائيلي ستصبح جميع المستوطنات شرعية، والأراضي الفلسطينية مستباحة لأي مصادرة جديدة"، لافتاً النظر إلى أن الشعب الفلسطيني رغم كل ما يواجهه بإمكانه نسف كل جهود الاحتلال التي نجحت بسبب تقاعس السياسي الرسمي الفلسطيني.
ويشدد على ضرورة إعلان السلطة أو المستوى السياسي فيها انتهاء مرحلة أوسلو وسحب الاعتراف بالاحتلال الإسرائيلي، وفتح الباب على مصراعيه للمقاومة الشعبية لكل قرارات الاحتلال.
وأكد على أن الاحتلال بهذه الطريقة سيدرك أنه ما من أحد سيخسر إلا هو، وليس دولة فلسطينية منزوعة السلاح لا تقوم إلا لمهام الإدارة المدنية والذي كان يعتبر انتصارًا للاحتلال.
ورأى أنه بهذه الطريقة فإن العالم القديم الذي يؤيد الإسرائيليين بشكل مطلق سيقول نعم إن الفلسطينيين حاولوا ولكن الاحتلال لم ينجح، منبهاً إلى تصريحات الساسة الفلسطينيين الذين يطالبون العالم الحر والمجتمع الدولي دون مجيب لهم.
وقال: "الحل أن تبدأ بنفسك وتتخذ الخطوة الأولى قبل أن تنتقل إلى غيرك"، مستشهداً بالتجربة اللبنانية رغم ما يحمله المشهد اللبناني من طوائف إلا أنه تمكن من طرد الاحتلال من جنوبه بمجرد انتزاع قرار من مجلس الأمن".
من جهته، يؤكد غسان دغلس مسؤول ملف الاستيطان في شمال الضفة الغربية أن ما قام به الاحتلال هو سرقة الأرض الفلسطينية وليس تسوية وكأن البناء مقام على أرض لهم، وهو رد على قرار مجلس الأمن 2334 وتحدي للعالم.
وفي معرض رده على سؤال "فلسطين" ما هو الرد الفلسطيني المناسب على مثل هذا القرار، قال: "يجب أن يكون هناك رد دبلوماسي وسياسي، وليس شجبا واستنكارا مثل كل مرة بل الذهاب إلى مجلس الأمن، ومحكمة الجنايات الدولية وكل مكان في العالم يمكنه الوصول إليه لفضح قرارات الاحتلال".
وأكد على ضرورة إصدار السلطة الفلسطينية لقرارات تدعم الصمود الفلسطيني في وجه قوانين الاحتلال وممارساته غير المسؤولة، وكذلك الفصائل الفلسطينية وقراراتها التي يجب أن تدفع نحو المقاومة الشعبية لكل قرار جائر يصدر عن الاحتلال.
عقوبات دولية
أما شعوان جبارين عضو اللجنة الوطنية للمتابعة مع الجنائية الدولية، فيقول في تصريح لصحيفة "فلسطين": "إن هذا القانون لن يعطي شرعية لمصادرة الأراضي الفلسطينية، وستبقى عمليات الاحتلال بهذا الخصوص غير قانونية وغير شرعية، ومخالفة للقانون الدولي ولقرار مجلس الأمن الأخير بشأن الاستيطان".
وأوضح أن القانون الإسرائيلي يدلل على أن الاحتلال بلغ مرحلة مواجهة القرارات الدولية بالأفعال وهذا يتطلب من العالم أن يرد له نفس الصاع من خلال الأفعال لا الأقوال، موضحًا أن هذه الأفعال تتمثل بقرارات توقع عقوبات دولية عليه.
وقدّر أن هذا الحل لن يأتي إلا بالتعاون مع الدول الأطراف في اتفاقية جنيف ومع محكمة الجنايات الدولية، إضافة إلى تكثيف الجهد الدبلوماسي والسياسي الفلسطيني في الخارج، معتبراً أن التوجه إلى محكمة الاحتلال العليا "لعبة خاسرة للطرف الفلسطيني ومجرد مضيعة للوقت".