ببسالة عالية، امتشق منفذ عملية سلفيت البطولية أمس، سلاحه الأبيض، لينقض على فريسته الإسرائيلية، قرب مستوطنتي "أرئيل" و"جيتاي" شمالي الضفة الغربية المحتلة، ليقتل جنديًّا إسرائيليًّا، ويسيطر على سلاحه، مطورًا عمليته من الطعن إلى إطلاق نار، ليصيب آخرين بجراح خطيرة.
قدرة منفذ العملية على الوصول إلى موقع العملية، قرب المستوطنتين المقامتين على الأراضي المحتلة، رغم التعقيدات الأمنية في الضفة الغربية المحتلة ومسرح العملية، وانسحابه بسلام، مع اغتنامه السلاح الإسرائيلي، شكل صفعة أمنية للاحتلال.
ووفق مراقبين، رأوا في أحاديث منفصلة لصحيفة "فلسطين" أن هذه العملية لم تأتِ رد فعل على انتهاكات الاحتلال في الضفة الغربية والقدس المحتلتين فحسب، بل استمرارا في نهج العمل المقاوم هناك ودقة بوصلته.
الكاتب والمحلل عادل سمارة يرى أن عملية سلفيت وجهت ضربة أمنية قوية للاحتلال، لافتًا إلى أن العمليات الفدائية ليست مرتبطة بزمن أو أحداث هنا أو هناك، بل جاءت وفق ظروف المنفذ.
وأوضح سمارة لـ"فلسطين" أن نجاح العملية يدلل على السرية العالية للمنفذ، وفشل التنسيق الأمني القائم بين السلطة الفلسطينية والاحتلال في الوصول لها أو إخضاع منفذها للرقابة، مؤكدًا أنها شكلت ضربة قوية لقادة الاحتلال والولايات المتحدة الأمريكية ومخططي "صفقة القرن".
وأضاف أن العملية جاءت وفق حرب العصابات، وموقعها في منطقة استيطانية لها تأثير كبير في نفوس المستوطنين، متوقعًا ردًّا كبيرًا من الاحتلال في قرى ومحافظات الضفة الغربية وصولًا لمنفذها.
من جهته، قال الكاتب والمحلل السياسي سري سمور: إن عملية سلفيت تؤكد قدرة المقاومة في الضفة الغربية على تسديد ضربات للاحتلال، وقدرتها على إرباكه رغم تباعدها، مشيرًا إلى أهمية نجاحها رغم التكنولوجيا الأمنية الإسرائيلية في مفترقات الضفة وطرقها.
وأضاف سمور لـ"فلسطين" أن انتهاكات الاحتلال في القدس والضفة الغربية، وتهويده المتواصل للمقدسات الإسلامية، له علاقة في تنفيذ العملية، مشيرًا إلى أن توقيتها يكمن في تصحيح وضبط الساحة الفلسطينية ورفع معنويات الفلسطينيين.
وتعد مستوطنة "أرئيل" من أكبر المستوطنات، وتحتوي على أكبر الجامعات الإسرائيلية، ويسعى الاحتلال إلى ضمها للأراضي التي تحت سيطرته حال حدوث أي حل تصفوي مع السلطة، وفق سمور، لافتًا إلى أن المستوطن المقيم فيها يعد نفسه مقيمًا في (تل أبيب).
وأوضح أن العملية أرسلت رسالة للمستوطنين المقيمين في "أرئيل" وقادة الاحتلال بأنكم "سترحلون من الأراضي الفلسطينية، ولو بضربات المقاومة المتباعدة والمتراكمة، وأنكم لستم في مأمن رغم المخططات الأمنية"، واصفًا العملية بأنها ستكون "يومًا أسود في تاريخ المشروع الصهيوني".
ولفت إلى تأثير عملية سلفيت الكبير على الانتخابات الإسرائيلية وقادة الاحتلال المتنافسين فيها، قائلًا: "ستتقاذف الاتهامات كالعادة بين القادة الإسرائيليين، ضمن الحملة الانتخابية، وستؤثر على شعبية نتنياهو الذي يرى نفسه القادر على جلب الأمن للمستوطنين". ونبه إلى أن العملية أربكت الحسابات الأمنية والعسكرية الإسرائيلية.