شكل الشباب الفلسطينيون في كل المحطات النضالية التي خاضها الشعب الفلسطيني، منذ النكبة سنة 1948م، ومرورًا بالانتفاضتين الأولى والثانية، وليس انتهاءً بانتفاضة القدس؛ لبنة أساسية للثورة في وجه الاحتلال الإسرائيلي ومقاومته بالأساليب والأدوات الشعبية كافة.
ومع انطلاق مسيرات العودة الكبرى وكسر الحصار السلمية، في 30 آذار (مارس) 2018م، والتظاهرات الشعبية التي سبقتها رفضًا لاعتراف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالقدس المحتلة "عاصمة" لكيان الاحتلال؛ ارتكزت تلك المسيرات على الحضور الشبابي الفاعل.
وتعددت المهام الشعبية التي يقوم بها الشباب بوحداتهم السلمية المختلفة، مثل: "وحدة إشعال إطارات السيارات (الكاوتشوك)، والطائرات الورقية والبالونات، وقص السلك، والإرباك الليلي"، ليكون دور تلك الوحدات ترجيح كفة الميزان لمصلحة مسيرات العودة، وأهدافها السلمية.
محمد هنية مقرر اللجنة الشبابية بالهيئة الوطنية لمسيرة العودة وكسر الحصار يرى في حديث إلى صحيفة "فلسطين" أن "الشباب هم أهم مكون في هذه المسيرات"، قائلًا: "هم من مدوها بالدماء والأوقات، وكانوا شعلتها، ومن دفعوا الجزء الأكبر من ضريبتها، في عمل متواصل أكثر من عام".
ويقول هنية: "الشباب كانوا ضمن حالة حراك مستمرة دون توقف، عمل بها الجميع صفًّا واحدًا ووضعوا الخلافات بالخلف، وانطلقنا إلى تلك المخيمات نواجه بصدورنا العارية كل المؤامرات التي تحاك على قضيتنا"، مشيرًا إلى تنظيم مئات الفعاليات الميدانية والوقفات وعقد المؤتمرات لرفعة هذه المسيرة وفعالياتها السلمية.
إبداع شعبي
وفيما يتعلق بالعمل الميداني للشباب الثائرين في مسيرة العودة يبين أن "الشباب أشرفوا على الوحدات الميدانية للمسيرة، التي أبدعت بكل براعة في تعزيز رسالة التحدي والصمود والإصرار أمام جبروت وغطرسة هذا الاحتلال".
ويتابع هنية: "فقدنا العديد من الشهداء من الأصدقاء والإخوة والرفاق، وأصيب الآلاف منا، لكن نعلم جيدًا أن فلسطين تستحق ذلك ومستمرون بحراكنا حتى تحقيق مطالبنا"، موجهًا التحية للشباب المشاركين في فعاليات المسيرة بمخيماتها الخمس.
ويلفت إلى أن دور الشباب لم يقتصر على العمل الميداني شرق قطاع غزة، بل تعدى ذلك ووصل إلى تنفيذ أنشطة إلكترونية وإعلامية، وفعاليات تدعم القضية الفلسطينية في المحافل الدولية والإقليمية.
ويوضح هنية أن مسيرة العودة أحد أهم الأساليب الكفاحية التي عززت حضور القضية الفلسطينية، وأعادت إحياءها على الطاولة السياسية بالمنطقة، وعلى المستوى العالمي، مؤكدًا أنها أظهرت حجم مظلومية الشعب الفلسطيني بكل أماكن وجوده.
ويقول: "المسيرة أرسلت رسالة للجميع أن حقوق الشعب الفلسطيني لن تسقط بالتقادم، وفي مقدمة تلك الحقوق حق العودة الذي سنورثه جيلًا بعد جيل حتى تحقيقه"، مشيرًا إلى أنها وسيلة نضالية مميزة للشباب، سيسجلها التاريخ الفلسطيني.
كذلك الشاب الجريح صالح الجعفراوي، يؤكد تمسكه بالمشاركة الدائمة في مسيرة العودة، رغم إصابته ثلاث مرات برصاص الاحتلال، لافتًا إلى أن المسيرات حققت إنجازات وطنية للشعب الفلسطيني الذي يواجه أكبر قوة احتلال على وجه الأرض.
ويقول الجعفراوي لصحيفة "فلسطين": "نحن الشباب واجهنا الاحتلال بأدواتنا السلمية، رغم أنه قمعنا وواجهنا بالأسلحة وقنابل الغاز، محاولًا إخافتنا أو وقف المسيرات"، مؤكدًا استمرار المسيرة حتى تحقيق أهدافها.
ويتابع الشاب الذي أصيب في مخيم العودة شرق مدينة غزة: "مسيرة العودة أقلقت الاحتلال بسلميتها، وأدواتها الشعبية، وأحيت قضية اللاجئين التي حاول الاحتلال إنهاءها"، مطالبًا الشعوب العربية والإسلامية بدعم غزة وشبابها وأهلها المنتفضين في وجه الاحتلال الإسرائيلي.
واستشهد 256 مواطنًا، وأصيب 29382 آخرون، منذ انطلاق فعاليات مسيرة العودة حتى الخامس من الشهر الجاري، وفق إحصائيات وزارة الصحة بغزة.