على مدار 50 جُمعة، شارك فلسطينيون بمختلف الأطياف والأعمار والشرائح في فعاليات مسيرات العودة وكسر الحصار، في خمسة مخيمات قرب السياج الاحتلالي الفاصل شرق قطاع غزة، مطالبين بحقوقهم في العيش بكرامة، والعودة لأراضيهم المحتلة منذ 1948م.
وتمثل العائلات الفلسطينية بكامل أفرادها جزءًا مهمًّا من هذه الشرائح المجتمعية، إذ يمكن ملاحظة حضورها بقوة بأطفالها ونسائها ورجالها ومسنيها في فعاليات العودة.
اللاجئة مريم دياب (68 عامًا) التي رافقت عائلتها في موقع "ملكة" شرق غزة تبين أنها تشارك في مسيرة العودة الكبرى وكسر الحصار السلمية، منذ يومها الأول في 30 آذار (مارس) 2018م، ولم تتخلف عن ذلك سوى جمعتين عندما أصابها المرض.
وتضيف دياب لصحيفة "فلسطين": "أنا لاجئة فلسطينية من قرية الجورة قضاء عسقلان التي هجرت العصابات الصهيونية أجدادي منها سنة 1948م، من حقي أن أرجع إليها، وأشارك في المسيرات لأني أرى فيها حقًّا للشعب الفلسطيني الذي يطالب بالعودة إلى بلاده المسلوبة".
وتذكر أنها طالما سمعت من والدها عن جمال قريتها، وعن شجرها وهوائها وترابها وسمائها.
وتنظر الحاجة الستينية نحو الأراضي الفلسطينية المحتلة بعين الأمل في العودة عما قريب.
"فلسطين أغلى من الدم"
مشاركة أولادها وأحفادها تراها الحاجة ضرورية بهدف نقش أحقيتهم بالأرض الفلسطينية في ذاكرتهم، والتشديد على أن رحيل الاحتلال عنها حتمي.
وتتابع: "الاحتلال يدعي أن الكبار يموتون والصغار ينسون، أنا أرد عليهم وأقول: إن الكبار والصغار لم ينسوا ولن ينسوا فلسطين، لأنها أغلى من الجميع".
وعلى استخدم الاحتلال العنف بحق المشاركين في المسيرة السلمية تعلق دياب: "أنا وأولادي وأحفادي فداء فلسطين، الوطن عزيز وغال، وإن أصبنا أو استشهدنا فستبقى فلسطين أغلى من الدم، والقوة (الاحتلال) ما بدها إلا قوة تزيلها".
وتوجه رسالة للمستوطنين بقولها: "أنتم أتيتم من أوروبا وأمريكا والدول الغربية، ارجعوا من حيث أتيتم، فلا مكان لكم في أرضنا، وسنظل نقاوم ونطالب بحقنا حتى تحقيقه، ولا يضيع حق وراءه مطالب".
يقول حفيدها محمد (21 عامًا) الذي يدرس في كلية التمريض: "يومًا ما سنرجع إلى بلادنا ونرفع اسم فلسطين عاليًا، وسأعالج المصابين كافة، ونقاوم بالعلم إلى جانب المقاوم الذي يحمل السلاح".
أما السيدة أم محمد رجب (45 عامًا) فتجلس إلى جانب زوجها وتقول لصحيفة "فلسطين": "أشارك وزوجي وأبنائي في مسيرات العودة تلبية لنداء الوطن كي نطالب بحقوقنا المسلوبة المتمثلة في العودة لأراضينا المحتلة منذ 1948م، وأيضًا من أجل توفير حياة كريمة يعيش في كنفها المواطن الفلسطيني".
وتضيف رجب المنحدرة من بلدة حمامة: "نعيش داخل قطاع غزة في معاناة كبيرة جدًّا بسبب الاحتلال والحصار، لا أحد في العالم ينظر إلينا بعين الرحمة، حتى إنهم سلبونا أدنى مطالب الإنسانية، حرموا الأطفال الرُضع العلاج، وقطعوا الكهرباء والرواتب، وحاربونا بكل الوسائل، ولكن سنبقى صامدين ثابتين فوق أرضنا حتى دحر الاحتلال، أو الاستشهاد بعزة وكرامة".
ويشارك إلى جانبها أبناؤها الثمانية: اثنان من الذكور، وست من الإناث.
وتلفت إلى أن أفراد عائلتها يشاركون بإرادتهم الكاملة، ويتمسكون بذلك رغم التصعيد الاحتلالي.
وتضيف: "باعتقادي أن شوق الأبناء إلى أراضينا المحتلة التي كثيرًا ما سمعوا والدهم يروي عن جمالها دفعهم إلى المشاركة".
وترى أم محمد أن مشاركة العائلة الفلسطينية في مسيرات العودة تحقق أهدافًا عدة، أبرزها أن الأطفال لن ينسوا حقهم في العودة لفلسطين كما يظن الاحتلال، وتعزيز مطالب الشعب الفلسطيني في تحقيق مطالبه العادلة.
واستشهد 256 مواطنًا، وأصيب 29382 آخرون، منذ انطلاق فعاليات مسيرة العودة في 30 آذار (مارس) 2018م حتى الخامس من الشهر الجاري، وفق إحصائيات وزارة الصحة.
وتستمر عائلات فلسطينية بكامل أفرادها في "شد الرحال" إلى مخيمات العودة ريثما يتمكنون من تحقيق رجوعهم إلى أرضهم المحتلة سنة 1948م.