دعت شخصيات نقابية في قطاع غزة، الحكومة في رام الله وقيادة السلطة إلى وقف سياسة قطع الرواتب أو تقليصها، محذرين من أن استمرار تلك السياسة يعني دفع آلاف الأسر إلى حافة الهاوية نتيجة عدم قدرة أربابها على تلبية الحاجات الأساسية للمعيشة.
وكانت حكومة الحمد الله السابقة أقدمت على قطع وتقليص رواتب آلاف الموظفين العموميين في قطاع غزة، في خطوة رأى الغزيون فيها عقابا جماعيا لهم، بينما تشدقت الحكومة بأن هذه الاجراءات ليست سوى خلل إداري في منظومة الرواتب، فهل يعقل أن يستمر هذا الخلل لمدة عامين؟!.
وأكد رئيس نقابة العاملين في الوظيفة العمومية في محافظات غزة عارف ابو جراد، أن استمرار سياسة قطع رواتب الموظفين سيؤدي لحدوث انهيار في المجتمع الغزي نتيجة الآثار السيئة التي تركتها هذه السياسة على منازل الموظفين وعائلاتهم.
وأشار في حديثه لصحيفة "فلسطين"، إلى أن الآثار السلبية امتدت منذ اليوم الأول لقطع وتقليص الرواتب وبداية الخصومات قبل عامين، موضحا أن جزءا كبيرا من الموظفين العموميين ممن قطعت رواتبهم او تم تقليصها باتوا لا يستطيعون توفير المتطلبات الاساسية لأبنائهم.
وشدد على أن أخطر تلك الاثار السلبية يتمثل في عدم استطاعة الموظفين شراء الادوية والغذاء لأنفسهم ولأبنائهم، علاوة على حدوث مشكلات اجتماعية نتج عن بعضها تفكك أسر وتشرد اطفال بسبب الضغوط النفسية والمادية التي يعاني منها الموظفون.
وذكر ان بعض الموظفين باتوا رهن الحبس والاعتقال نتيجة عدم قدرتهم على الوفاء بالتزاماتهم المادية للمؤسسات النقدية او للأشخاص الذين اقترضوا منهم، متوقعا ان يؤدي هذا الأمر الى مضاعفة الهوة الاجتماعية بين الموظفين وباقي فئات المجتمع.
وبيَّن أن نقابة الموظفين لم تقف مكتوفة الأيدي إزاء هذه الاوضاع الصعبة، بل قامت بتنفيذ اكثر من 50 فعالية ووقفة امام مقرات المؤسسات التي ترتبط بالحكومة في رام الله والسلطة الفلسطينية، لكن هذه الانشطة لم تسفر عن أي شيء لتحسين اوضاع الموظفين، بحسب أبو جراد.
وذكر أن مسئولي النقابة في غزة اجتمعوا أكثر من مرة مع الوفود الحكومية التي زارت غزة ومن بينها وفد رئيس الحكومة السابق رامي الحمد الله، الا انهم لم يخرجوا إلا ببعض الوعودات والكلام المعسول الذي سرعان ما تبين انه لا يتعدى المجاملة ولا نصيب له على أرض الواقع.
ونوه الى انهم توجهوا في اكثر من مرة الى المؤسسات الحقوقية الموجودة في قطاع غزة والضفة الغربية، الا ان موقف تلك المؤسسات لم يتعد تقديم المشورة القانونية، دون ان يكون لهم أي خطوات عملية حقيقية للضغط على الحكومة لإنصاف الموظفين واعطائهم حقوقهم.
وندد ابو جراد بما أسماه كذب الحكومة وبعض الشخصيات المتنفذة عبر الحديث عن وجود خلل اداري يمنع صرف رواتب الموظفين كاملة، مؤكدا ان رئيس السلطة محمود عباس باستطاعته حل الامر برمته لو أراد ذلك و بـ"جرة قلم" كما يقول النقابي ابو جراد.
ودعا الى انهاء الانقسام وتحقيق المصالحة الفلسطينية لما في ذلك من أثر ايجابي على مجمل الحياة في قطاع غزة، وبضمن ذلك حل قضية الموظفين العموميين، مشددا على ان موظفي القطاع العام هم بناة الدولة الحقيقيون وعماد تقدمها وازدهارها.
ظروف بالغة السوء
من جهته، أكد المتحدث باسم تفريغات 2005 رامي أبو كرش، أن موظفي التفريغات يعيشون في ظروف بالغة السوء نتيجة شمولهم بقرار تقليص الرواتب في قطاع غزة، منوها الى انهم في الاساس يتقاضون مبلغا زهيدا يقدر بـ1500 شيكل شهريا، والآن بعد الخصم لا يتقاضون منه سوى 750 شيكلا.
ولفت في حديثه لصحيفة "فلسطين"، إلى أن موظفي التفريغات توقعوا أن يشملهم القرار الاخير للحكومة القاضي بمنح الموظفين راتبا كاملا لمن هم أقل من 2000 شيكل، لكنهم – أي المفرغون – فوجئوا بأن هذا القرار لم يشملهم وبالتالي يعني ذلك استمرار معاناتهم.
وشدد على ان المبلغ المالي الذي يتحصلون عليه حاليا لا يكاد يكفي الحاجات الاساسية للموظفين، متسائلا: "هل تريد الحكومة منا ان نعيش طوال الشهر على الإعانات والصدقات؟!"، موضحا أن الحكومة لم تكتف بعدم منحهم رواتبهم كاملة بل قامت بقطع رواتب عدد منهم نتيجة تقارير كيدية.
وأوضح ابو كرش ان غالبية المفرغين لديهم التزامات مالية لم يستطيعوا وفاءها، الامر الذي أدى بهم الى وضع غاية في الصعوبة، حيث تم طرد بعضهم خارج منزلهم لأنه لم يدفع الايجار، وبعضهم مصاب هو أو أبناؤه بأمراض خطيرة ولا يستطيع توفير العلاج.
وحذر ابو كرش من أن أكثر من 10 آلاف عائلة من الموظفين المفرغين باتت في مهب الضياع نتيجة التأثيرات السلبية على الوضع الاجتماعي والنفسي للموظفين، مؤكدا أن الموظفين باتوا يشعرون بالخذلان من الحكومة والفصائل وقيادة السلطة ولا مغيث لهم.
وفي ذات السياق، دعا المتحدث باسم اللجنة الوطنية لأهالي الشهداء علاء البراوي، إلى تجنيب اهالي الشهداء والجرحى أي اجراءات يمكن ان تؤثر على مخصصاتهم المالية، مشيرا الى ان هذه الفئة قدمت الكثير للقضية الفلسطينية ولا يمكن مكافأتها على تضحياتها بحجب أو تقليص المخصص المالي لها.
وقال لصحيفة "فلسطين": "إن الرئيس الراحل ياسر عرفات كان يعرف ما معنى كلمة الشهيد والجريح والأسير ويحترم ويوصي بدماء الشهداء والمحافظة عليها، لأن هذه المخصصات المالية هي المصدر الوحيد لها"، وأضاف: "في حال حافظنا على دماء الشهداء سيتم المحافظة على القضية الفلسطينية".