ماذا تقول مذبحة المسلمين في نيوزلندا على يد مسيحي أسترالي متطرف؟! المذبحة كانت قتلا مباشرا بالرصاص الحي من سلاح أوتوماتيكي، على غرار ما حدث في المسجد الإبراهيمي على يد اليهودي القاتل باروخ جولدشتاين. مذبحة جولد اشتاين حصدت أرواح 29 مصليا فلسطينيا، عدا الجرحى، ومذبحة نيوزلندا حصدت 50 مصليا عدا الجرحى. الفارق الوحيد بين المذبحتين أن مذبحة نيوزلندا في مسجد النور كانت مسجلة وتبث على الانترنت بشكل مباشر؟!
نعود، فنقول ماذا قالت مذبحة مسجد النور؟! الجواب أنها قالت أشياء كثيرة يصعب حصرها في مقال قصير، ولكن ما لا يدرك كله، لا يترك جله، لذا أتخير من بعض ما قالته، ما قاله العلامة الموريتاني مختار الشنقيطي في أسباب وقوع الجريمة:" حين يحقق المسلمون العزة لأنفسهم في بلادهم سيحترم الآخرون دماءهم خارج بلادهم؟!". الرجل في قوله هذا ركز على السبب الذاتي، الذي أسهم فيه حكام البلاد الإسلامية في إرخاص دماء المسلمين، في بلاد المسلمين وخارج بلاد المسلمين، وهذا سبب وجيه لوقوع هذه الجريمة، لأن من أمن العقاب أساء الأدب، هذا من ناحية.
وتقول المذبحة، من ناحية ثانية، إن نشر أميركا، والغرب، والكنيسة، للإسلام فوبيا، ونسبة كل جريمة فردية إلى الإسلام. هذه الكراهية الدينية في ذهنية هذا القاتل الأسترالي، الذي قتل هذا العدد الضخم عن عمد وسبق إصرار باسم الدفاع عن المسيحية، لا باسم الدفاع عن نفسه، أو عن حقوق وطنية له. نعم، لم يقل الإعلام الغربي والأميركي إن مسيحيا متطرفا قتل خمسين من المسلمين، في عمل إرهابي بشع، بل قال مواطنا يمينيا متطرفا ارتكب جريمة القتل؟! وبهذا برأ الاعلام الكنيسة من تغذية هذا الإرهاب الأعمى، بينما كل المعطيات تقول إن القاتل الأسترالي كان محشوا بكراهية الإسلام لدرجة القتل بسبب ما تلقاه من تعليمات إرهابية في الكنيسة، وبسبب ما يسمونه في الغرب الإسلام فوبيا، ويشهد على ذلك شريط الفيديو الذي نشره توثيقا للمذبحة؟!
لم يكن موقف قادة العرب والمسلمين جيدا، وعلى مستوى الجريمة النكراء، بل كان باردا فاترا، فلم يقولوا مثلا مثل ما قالوه يوم الزحف إلى شارل إيبدو في فرنسا ( كلنا شارل أيبدو؟!). مستنكرين عدوان متطرفين على صحيفة فرنسية نشرت رسومات مسيئة للنبي محمد عليه السلام. حين يفشل القادة المسلمون في احترام المسلمين، فإنهم سيفشلون في حماية المسلمين من كراهية الكنيسة ؟! هذا بعض ما قالته المذبحة، وليس كل ما قالته؟!