فلسطين أون لاين

​"الثقافة" توقع مذكرة تفاهم لاحتضانه بمعهد "إدوارد سعيد"

"أوتار" أكبر "بيانو" في غزة تعود للحياة الموسيقية والفنية

...
البيانو من الأنواع النادرة وثمنه مرتفع في العالم
غزة/ يحيى اليعقوبي:

على مدار سنوات ماضية بقيت أوتار بيانو" ياهاما" الذي يعتبر البيانو الوحيد في قطاع غزة من حيث حجمه ونوعه والمعروف باسم (غراند بيانو)، صامتة ومفاتيحه متوقفة.

لكن هذا البيانو الذي يحمل قصة خاصة كونه مقدمًا من الحكومة اليابانية للشعب الفلسطيني عاد للحياة أمس، بعد توقيع مذكرة تفاهم بين وزارة الثقافة بغزة ومعهد إدوارد سعيد الوطني للموسيقى تنص على احتضان المعهد له ستة أشهر قابلة للتمديد، وأن تستفيد منه المراكز الموسيقية في قطاع غزة.

أما عن قصة البيانو، فهو من الأنواع النادرة وثمنه مرتفع في العالم، إذ قدمته الحكومة اليابانية مع مجموعة من الأدوات الموسيقية للرئيس الراحل ياسر عرفات عام 1997، من قبل السفير الياباني في الأراضي الفلسطينية على أن يستخدم في مجال تنمية، وتطوير الجوانب الثقافية بأبعادها الموسيقية.

استمر البيانو في حرز وزارة الثقافة، وفي عهد الوزير الأسبق ياسر عبد ربه جرى نقله لمنتجع النورس السياحي لملك خاص لشخص من عائلة السبعاوي (مالك المنتجع)، بحسب مذكرة تفاهم مع وزارة الثقافة على أن يوضع بمكان بارز ويتم استخدامه من قبل عموم الشعب الفلسطيني خاصة رواد المنتجع الذي كان يشهد اقبالا كبيرا في تلك الفترة.

فيما بعد باع السبعاوي المنتجع لرجل الأعمال سعد حرز الله، وبعد تعرض المنتجع للقصف الإسرائيلي عام 2014، وتدميره قام حرز الله بنقل البيانو إلى مقر آمن ومن ثم لبيته.

عام 2015م حضر ممثل شركة ميوزك فوند البلجيكية ويدعي لوكاس بيرون وهو خبير في صيانة الأدوات الموسيقية ولديهم مجالات دعم وتمويل لتطوير الموسيقى لدى الشعوب، بناء على طلب عائلة حرز الله لإصلاح البيانو لصيانته، وأعاده للعمل وكأنه جديد بالكامل.

نقل البيانو قبل عام لمعهد "إدوارد سعيد" لاستخدامه بفعالية موسيقية، خلال تواجد لوكاس بالفعالية طلب من المعهد أن يبقى البيانو لديه كي يستفيد منه طلبة الموسيقى، أعدت حينها قناة (BBC)، تقريرا عن البيانو بأنه في حرزة شخص وليس الدولة.

وبالتالي علمت الحكومة اليابانية بالقصة وخاطبت وزارة الخارجية برام الله، وهددت بأنها ستوقف كافة مساعداتها للشعب إذا لم يعد لحرز الوزارة ليتم الاستفادة منه من قبل الشعب، التي بدورها خاطبت وزارة الثقافة بغزة من خلال مؤسسة الوكالة اليابانية للتعاون الدولي – جايكا.

التفاصيل السابقة رواها عضو اللجنة التي شكلتها وزارة الثقافة الصحفي مفيد أبو شمالة، مبينا أن اللجنة ضمت أيضا الأمين العام المساعد لاتحاد الفنانين الفلسطينيين يسري المغاري رئيسا، والمخرج سعود مهنا، وعضوية الموسيقي محمود سلمي.

وقال أبو شمالة وهو مدير التحرير بصحيفة "فلسطين": إن "اللجنة المشكلة قامت باستعادة البيانو كخطوة أولى، ثم زارت كافة المؤسسات المعنية بالشأن الموسيقي، وقدمت توصية بإعادته لمعهد إدوارد سعيد وفق مذكرة تفاهم على أن تستفيد منه كافة المعاهد الموسيقية، وأنه ملك للثقافة الفلسطينية وليس حكرا على المعهد".

وجرت مراسم توقيع مذكرة التفاهم بين معهد إدوارد سعيد ووزارة الثقافة بمقر الوزارة بمدينة غزة أمس، بحضور وكيل الوزارة د. أنور البرعاوي، وأعضاء اللجنة التي شكلتها الوزارة، وممثل مؤسسة ميوزك فوند لوكاس بيرون، وممثل مكتب جايكا في غزة ساهر يونس، ومدير عام البرتوكول بوزارة الخارجية الفلسطينية محمود المدهون، ود. سعيد داود مدير معهد إدوارد سعيد.

وقال البرعاوي خلال مراسم التوقيع: إن" الوزارة تعاملت مع البيانو بشكل مهني وكانت بالقرب من الجميع، للخروج بصورة تليق بالثقافة الفلسطينية، وشكلت لجنة من أشخاص مهنيين عميقي الانتماء، التي قامت باختيار المكان الأنسب من أجل المصلحة العامة بأن يكون هذا الجهاز المُهدى من بلد يحب الفلسطينيين محط وموضع استفادة للجهات المعنية بالاستفادة منه".

ممثل مؤسسة ميوزك فوند لوكاس بيرون أشار من ناحيته إلى أنه قبل سنوات عرف أن هناك (جراند بيانو) موجود بغزة، وقرر البحث عن تمويل لصيانته كونه يحتاج لكثير من العمل والصيانة، وحضر وفد متخصص من شركة "ياهاما".

وقال بيرون: إن "الهدف من صيانته حسب الاتفاق مع السيد حرز الله استخدامه من قبل الطلبة وأساتذة المعهد ومن يحق لهم استخدامه".

من جهته، وصف مدير معهد إدوارد سعيد مذكرة التفاهم بمثابة إعادة الحياة الموسيقية والفنية للبيانو، مبينا أن هدف المعهد هو نشر الثقافة الموسيقية والفنية لأبناء الشعب الفلسطيني سواء بالداخل أو خارج فلسطين، شاكرا وزارة الثقافة واللجنة التي شكلتها بالتوصية بأن يكون احتضانه بالمعهد.

بدوره، عبر مدير عام البروتوكول بوزارة الخارجية محمود المدهون عن سعادته بإعادة الحياة للبيانو، وأن تعامل الوزارة هذه المرة كان له طعم خاص بشيء له علاقة بالثقافة.

وفي نهاية مراسم توقيع المذكرة والتسليم قامت إحدى طالبات معهد إدوارد سعيد بالعزف على البيانو بأنشودة "موطني".