تحدثت في مقالين سابقين عن العنصرية الشرسة التي تمارسها دولة العدو، وعن إستراتيجيتها التي تتجه نحو هدم المسجد الأقصى بالتدريج، وذلك بعد إغلاقه قبل يومين ومنع الصلاة فيه. العنصرية الشرسة لخصتها كلمات نتنياهو التي زعم فيها أن (إسرائيل) دولة ليست لكل مواطنيها، بل هي لليهود فقط؟! وحين أغلقت قوات جيشه المسجد الأقصى في إجراء عنصري غير مسبوق، توالت رسائل الشجب العربية فاترة؟!
الموقف الشجاع والجريء مثله الرئيس التركي أردوغان، حيث وصف نتنياهو باللص، وقاتل الأطفال، واستغرب كيف يرسل جنوده ليدخلوا بأحذيتهم في مكان مقدس للمسلمين، وتعهد بالدفاع عن المسجد الأقصى حتى آخر رمق.
لم تجرؤ الدول المركزية في البلاد العربية أن تنتقد نتنياهو لإغلاقه المسجد الأقصى، أو لعنصريته الشرسة التي أفصح عنها مهددا الوجود العربي في فلسطين المحتلة. لماذا تقاعست الدول المركزية عن الشجب، والاستنكار، وتجريم عمل نتنياهو وأقواله؟!
لست أدري سببا مفيدا أو مقنعا، غير ما يقوله نتنياهو عن علاقته الوطيدة بست دول عربية، منها الدول المركزية. إنه كما استطاع الجنرال الأميركي دايتون صناعة الفلسطيني الجديد الذي يحمي العدو والمستوطنين في مقابل الراتب، فإن نتنياهو نجح في صناعة الزعيم العربي الذي يكفر بفلسطين، ويلتقي مع نتنياهو في معاركه الخارجية والداخلية؟!
أردوغان كان، وما زال، هو الاستثناء في هذه المواقف. الرجل كان حرا قويا في تجريمه لعنصرية (إسرائيل)، وقتلها الأطفال، وتدنيسها المسجد الأقصى. أردوغان ربما لا يستطيع تحريك جيشه لردع نتنياهو، وقادة العرب لا يستطيعون، ولكن أردوغان استطاع أن يحرك القلوب المؤمنة بالعدالة وبحرمة المسجد الأقصى، وأن يستحوذ على قلوب الشعوب العربية، لأنه أحيا فيها الأمل بالتحرير الذي أماتته زعامات عربية زعمت يوما أنها تعمل للتحرير؟!
العرب شجبوا، وتركيا شجبت، فلماذا أوجعت كلمات أردوغان نتنياهو فردّ عليه غاضبا، في حين لم توجع كلمات العرب نتنياهو ولم يرد عليها، ومرت على قلبه مرور العسل إلى الكبد؟! يقولون هناك شجب يقع في إطار الواجب المتفق عليه، وهناك شجب صادق واجب يخرج من القلب. ما بين الموقف الصادق، والموقف الكاذب، يتحرك نتنياهو بشكل مختلف. كل التحية لمن صدق مع الأقصى، والعار لاصق بتاريخ من كذب على الأقصى، والشعب.