الأردن يحتج على إغلاق المسجد الاقصى. السلطة الفلسطينية تحتج أيضا. وفتح والفصائل يحتجون. الكل يحتج، ولكن ماذا بعد الاحتجاج؟! أغلقت (إسرائيل) الأقصى، واحتج العرب قاطبة، فمن الرابح: من نفذ أم من احتج؟! الاحتجاجات الباردة تذهب أدراج الرياح، ومن نفذ يفرض إرادته وسيادته. فرض الإرادة والسيادة هو الهدف الإسرائيلي الاستراتيجي، والأحداث التي تحدث في الأقصى هي خطوات تكتيكية للوصول إلى الهدف.
يقول حراس المسجد الأقصى إن حريق غرفة الشرطة في فناء المسجد مفتعل من الجنود. وتقول إسرائيل إن الشبان المصلين هم الذين قاموا بإشعال النار. الأمر يحتاج إلى تحقيق، ولكن ما لا يحتاج لتحقيق أو تثبت هو أن (إسرائيل) أغلقت المسجد، وطردت المصلين، وغيرهم، ومنعت طلاب العلم، ولم تسمح للمصلين بصلاة الجنازة على الميت داخل الأقصى، وبهذا تكون إسرائيل قد تقدمت خطوة مهمة نحو فرض سيادتها وإرادتها على المسجد الأقصى، أقدس بقعة في فلسطين المباركة؟!
لا أحد يشك في أطماع دولة الاحتلال في المسجد الأقصى، ولا أحد يشك في أن هناك جماعات يهودية متعصبة تستعجل الحكومة والأحداث لهدم المسجد الأقصى، وإقامة الهيكل مكانة، ولكن حكومة العدو تخشى بعض ردود الفعل العربية والإسلامية، خاصة من الدول الست التي يتحدث نتنياهو عن تطوير جيد للعلاقة معها.
مسألة هدم الأقصى، وإقامة الهيكل مكانة، مسألة يلتقي عليها تكتل اليمين والمتدينين، ولكن توقيت الهدم، وكيفية تنفيذ الهدم، مسألة مختلف فيها بين الأحزاب، فهناك من يتعجل الأمر، وهناك من يتدرج ولا يتعجل، ويرى أن الوصول لعودة الهيكل يحتاج لبعض الوقت، وبعض التحولات.
إن إغلاق الجيش للأقصى بهذا الأسلوب القهري، هو أحد هذه التحولات التدريجية التي تخلقها دولة الاحتلال للوصول إلي الهدف الاستراتيجي. كان منع (إسرائيل) بعض المصلين من الصلاة في الأقصى يثير زوبعة ومظاهرات، واليوم إغلاق الأقصى بكامله أمام المسلمين لا يثير غير احتجاجات الشجب الباردة، بيان فيه بعض عبارات الغضب؟! فهل تعي الأمة معنى فرض الإرادة والسيادة على الأقصى بشكل متدرج؟! وهل لدى الفلسطينيين والعرب والمسلمين خطة للمواجهة أم سيكتفون فقط بالاحتجاج؟!