تحت ساتر الليل المنسل من يوم الاثنين الماضي، تسللت خلسةً قوة من الأمن الوقائي التابعة للسلطة في رام الله لساحة منزل عائلة "ادعيس" القاطنة في مدينة الخليل جنوبي الضفة الغربية المحتلة متجاوزةً السور الخارجي للمنزل، ثم سلطت أضواء كشافاتها نحو نوافذ غرف المعيشة.
صاحب المنزل المهندس أنور ادعيس (63 عامًا)، فتح نافذة الباب الرئيس ثم سأل: "من أنتم؟"، رد ضباط: "الأمن الوقائي افتح الباب بدنا نفتش المنزل"، رفض أبو طارق فتح الباب إلا بإذن من النيابة العامة.
حدثت مشادة كلامية بينهما، وبعد تهديد الوقائي بتفجير الباب، اضطر صاحب المنزل فتح الباب، ثم طُلب منه جَمْع أفراد العائلة في غرفة واحدة لتبدأ أعمال التفتيش والتخريب دون توضيح مرادهم ولم يجدوا شيئًا، ثم انتقلوا لمنزل أبنائه المجاور.
رفضت زوجته "أم طارق" فتح الباب إلا بوجود زوجها، فهددوها بتفجيره، ثم نادت نجلها محمد من الطابق العلوي، ففتح الباب، لتقتحم القوة المنزل وتعيث فيه تخريبًا ومن ثم اعتقلت محمد دون ذكر أي أسباب مع مصادرة هاتفه المحمول والحاسوب الخاصين به.
ويذكر أبو طارق أن نجله محمد (32 عامًا) هو أب لطفل وطفلة، ويعمل مهندسًا حرًا في مجال تصميم الديكور، وليس له علاقات بالعمل السياسي.
واحتج أفراد العائلة وصاحوا أمام الضابط المسؤول عن اعتقال محمد وانهارت والدته، فصرخ الضابط في وجههم: "قصته بسيطة، قضيته منشور على موقع الفيسبوك، كلها كم يوم ويرجع".
ومنذ لحظات الاعتقال الأولى، تواصل أبو طارق مع جهات متنفذة في المدينة، والتي أخبرته أن الوقائي وضع نجله في ملف اعتقال صحفيين ومراسلين لوكالات أنباء منهم (عامر أبو عرفة، وحازم ناصر).
وقال أبو طارق: "شو دخل محمد في الصحفيين؟"، فردوا عليه: "الوقائي يقول أنه في أحد الأيام راسل وكالة شهاب للأنباء وأفادها باعتقال الاحتلال لشقيقه طارق"، فقال لهم: "إذا هيك التهمة، تعالوا اعتقلونا كلنا لأنه في حال اعتقال أحد أبنائي، يتصلوا بنا وكلات الأنباء والصحف وحقوق الإنسان ونخبرهم بالحدث لنشره وفضح الجهة المُعتقِلة".
شكلت العائلة ضغط كبير من خلال علاقاتها الواسعة في المدينة، حتى قررت جمع الوجهاء والاعتصام أمام مقر وقائي الخليل، فسارع الأخير بترحيل "محمد" لمقر وقائي رام الله.
المماطلة والتسويف
ولاحقًا تواصلت العائلة مع النيابة العامة في رام الله، والتي بدورها درست الملف وتفهمت الموضوع، وتواصلت مع الوقائي بأن المعتقل ادعيس ليس صحفيًا ولا يعمل مراسلًا لوكالات أنباء، والتهمة المقدمة ضده من حق أي مواطن تنفيذها كما أنها ليست تهمة.
وحدثت مشكلة بين الوقائي والنيابة إذ قررت الأخيرة إخلاء سبيله بمجرد عرضه عليها لكن الوقائي يرفض تنفيذ القرار.
وأضاف أبو طارق: "قطع الوقائي وعدًا للعائلة بإخلاء سبيل نجلي الخميس الماضي مقابل كفالة مالية، إلا أنه في اللحظات الأخيرة تنصل من وعده كما يفعل الاحتلال بالأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال"، ثم يعقب: "من شابه أسياده ما ظلم".
ثم جرى اتفاقًا بين النيابة والوقائي من أجل إخلاء سبيل "محمد" في 10 مارس الجاري مقابل كفالة مالية، وذهبت العائلة لمقر الجهاز في رام الله من أجل ذلك، ليتضح تلاعب الوقائي بهم مجددًا برفضه الافراج والسبب كيف لوالده كتابة منشور عبر "الفيسبوك" يفيد بموعد الإفراج عن ابنه، فهو لا يقرر الإفراج من عدمه وإن الكلمة الأولى والأخيرة للوقائي -وفق قوله.
وأشار إلى أن العائلة ذهبت أمس من أجل إخراج نجلها بكفالة مالية، إلا أن الموضوع بقي تحت مزاجية الوقائي.
ويلخص أبو طارق حديثه فقال: "نحن نعيش تحت احتلال ونعايش خلال حياتنا اليومية من هو أصعب من الاحتلال من أعوانه وعيونه –يقصد السلطة الفلسطينية-، نحن لا نريد واسطة بيننا وبين الاحتلال ليحكمنا".