" إسرائيل ليست دولة لكل مواطنيها، وبموجب قانون أساس القومية، هي الدولة القومية للشعب اليهودي، وله فقط، وللأقليات الأخرى يوجد تمثيل قومي في دول أخرى؟!". هذا ما قاله نتنياهو رئيس وزراء (إسرائيل) في 10/3/2019م. ومرت عليه السلطة والعرب والعالم مرور الكرام، وكان الأمر لا يعنيهم في شيء؟! في حين هو كبيرة من الكبائر.
لا أعتقد أنه ثمة تمييز عنصري صريح يتفوق على ما جاء في هذا التصريح. ولا اعتقد أنه ثمة مفكر صهيوني، أو غربي، يمكنه الدفاع عن هذا التصريح العنصري، حتى إن رئيس دولتهم (ريفلين) رأى فيه خطأ، وزعم أنه: "لا يوجد في دولة (إسرائيل) مواطنون من الدرجة الأولى، ولا يوجد ناخبون من الدرجة الثانية، نحن جميعا متساوون في صندوق الاقتراع، وجميعنا ممثلون في الكنيست"؟!
الواقع يقول عكس ما يقوله ريفلين. الواقع الذي يعيشه عرب 48م يقول: إنه منذ قيام دولة (إسرائيل) هناك مواطن من الدرجة الأولى، ومواطن من الدرجة الثانية. الدرجة الأولى مقصورة على اليهودي، والثانية مقصورة على العربي صاحب الأرض. نحن نعلم جيدا تاريخ كفاح إخواننا عرب48 من أجل العدالة والمساوة، ومن أجل الحصول على مواطنة كاملة تتساوى مع اليهودي، ونعلم أنهم لم يحصلوا على ما يريدون، ولا توجد تشريعات إسرائيلية تعطيهم ما يريدون من مساوة وعدالة، في حين توجد تشريعات إسرائيلية تقول إن (إسرائيل) دولة اليهود فقط.
إن ما قاله نتنياهو هو عين ما قالته التشريعات الإسرائيلية، وإن ما قاله ريفلين هو رأي شخصي بحكم المنصب ليس إلا؟!
قانون أساس الدولة الذي أقره الكنيست يتغافل عن وجود مليونين من العرب في داخل الخط الأخضر، ويحرم هذا العدد الكبير من حقوق المواطنة السيادية وتقرير مصير الدولة، ووجود ممثلين عرب في الكنيست هي مناورة إسرائيلية ذكية لدفع تهمة التمييز العنصري.
معسكر اليمين بقيادة نتنياهو يقول للناخب الإسرائيلي: هل تريد حكومة بيبي أم حكومة الطيبي؟! التمييز العنصري في هذا الشعار السياسي بلغ الزبا، وتجاوز عنصرية البيض في جنوب أفريقيا. نجاح يسار الوسط (غانتس، ولبيد) هو نجاح للعرب في رأي نتنياهو، وليس لليهود، وعلى اليهودي منع ذلك وإعطاء صوته لبيبي؟!
هذا الشعار الانتخابي العنصري والتحريضي يطرد العرب من الانتخابات بشكل أو بآخر، ويمنع يسار الوسط من الاستناد إلى الكتلة العربية في تشكيل الحكومة إذا ما فاز في الانتخابات. وقول نتنياهو آنف الذكر يحمل في مضامينه مشروع طرد السكان العرب، وتهجيرهم، إلى البلاد العربية حيث توجد هناك القومية العربية. أرض فلسطين المحتلة في نظرة نتنياهو العنصرية لا تتسع لقوميتين، عربية ويهودية، لذا فهي لليهود فقط. ومن هنا يجدر بالعرب مواجهة هذه العنصرية البغيضة، وطرح مشروع الدولة الواحدة لكل مواطنيها، لتحقيق هدفين معا: الأول تعرية العنصرية اليهودية . والثاني لحماية عرب 48م من أخطار التهجير والطرد. إسرائيل التي يراها نيتنياهو خالصة لليهود اليوم، هي إسرائيل التي رآها جابوتنسكي قبل قيام الدولة، ورآها بن غوريون وبيغن بعد قيام الدولة؟! لا حلّ لمواجهة خيار الدولة اليهودية سياسيا، إلا بخيار الدولة الواحدة لكل مواطنيها.